للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن أولئك صهره وتلميذه الدكتور الفاضل الشاعر ابن الشاعر: أحمد البراء بن عمر بهاء الدين الأميري حفظه الله، وهي بعنوان: "حَنَانَيْكَ لا تَرْحلْ".

حنانيكَ، لا ترحلْ، فجُرحيَ لم يزلْ … سخيًّا، ونارُ الفَقدِ فيه تَضَرَّمُ

ولا تطعَنِ القَرحَ الذي نزَّ مِنْ دمي … ولا تُنطقِ الحُزنَ الذي هو أبْكمُ

ففقدي لأحبابي يَهيجُ مواجعي … ويُخرِسُ أشعاري التي تترنَّمُ

فإِن رُمتُ بيتًا يَنْدُبُ الحِبَّ خانني … بياني، وظلَّ الدمعُ في العين يَسْجُمُ (١)

فأَنْظِمُ دمعي في دُجايَ قصائدًا … فيُشرقُ ليلٌ في فؤاديَ مُظْلمُ

وتشهَقُ أنّاتي، وتزفِرُ أضلُعي، … وتُقبلُ أحزاني عليَّ تُسَلِّمُ

فأفتحُ صدري، للفؤادِ أضمُّها … فتسكنُ في أرجائِه، وتُخيِّمُ

حنانيكَ، لا ترحلْ، فقد كنتَ آسيًا … فمَنْ لجراحي اليومَ يأسو ويرحَمُ؟

وكنتُ إذا ما الهمُّ آدَ تصبُّري … وأزرى بآمالي العِطاشِ تجهُّمُ

أزوركَ والأنواءُ تصفَعُ مُهجتي … وعَصْفُ الرّياحِ الهُوْجِ يعوي ويحطِمُ

فما هو إلَّا أنْ أراكَ مُرَحِّبًا … بوجهٍ كنورِ الصُّبح، والعينُ تبسِمُ

فأنسى صَبَابَاتي (٢)، وترتاحُ مُهجتي … وتَسْكُنُ آلامي، وبالدّفءِ أنعَمُ

فما لَكَ تمضي اليومَ غَيْرَ مُودِّعٍ … تُفَطِّرُ أكبادًا لنا، وتُيتِّمُ

وتسكبُ فوقَ الجُرحِ في قلبِنا لظىً … يَؤُجُّ (٣)، ويَسْري في العروق، ويُؤلِمُ؟!

رحلتَ وخلَّفْتَ المحبِّينَ: مُقْصَدٌ … بسَهْمِ النّوى، أووالِهٌ يترحَّمُ

رفيقةُ دربِ العُمرِ قد لفَّها الجَوى … وأذهلَها فَقدٌ وجيعٌ مُئَيِّمُ (٤)


(١) سَجَمَ الدمعُ: سال.
(٢) الصَّبابة: رقةُ الشّوق وحرارته.
(٣) يَؤُجُّ: يلتهب ويستعر.
(٤) أَيَّمَ المرأةَ: صيَّرها أيِّمًا، وهي التي فَقَدَت زوجَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>