على أبيه، فقال: هذا كَتَب إليَّ محمدُ بن يحيى أنه زَعَم أن القرآن مُحدَث فلا يقربني.
وقال الحُسين بن إسماعيل المحَاملي: كان داود جاهلًا بالكلام. وقال ورَّاق داود: قال داود: أما الذي في اللوح المحفوظ فغيرُ مخلوق، وأما الذي بين الناس فمخلوق.
قلت: هذا أدل شيء على جهله بالكلام، فإن جماهيرهم ما فرَّقوا بين الذي في اللوح المحفوظ، وبين الذي في المصاحف، فإن الحَدَث لازم عندهم لهذا ولهذا، وإنما يقولون: القائم بالذات المقدَّسة غيرُ مخلوق، لأنه من علمه تعالى، والمنزَلُ إلينا مُحدَث، ويتلون قوله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ﴾ والقرآن كيفما تُلي أو كُتِبَ أو سُمع، فهو وَحْي الله وتنزيلُه، غيرُ مخلوق.
وقال القاضي المَحاملي: رأيتُ داود يصلي، فما رأيت مسلمًا يُشبهُهُ في حسن تواضعه.
مات داود في رمضان سنة ٢٧٠، انتهى.
وقد ذكره ابن أبي حاتم فأجاد في ترجمته، فإنه قال: روى عن إسحاق الحنظلي، وجماعة من المحدِّثين، وتفقه للشافعي، ثم ترك ذلك، ونَفَى القياس. وألَّف في الفقه على ذلك كتبًا شَذَّ فيها عن السلف، وابتَدَع طريقةً هجَرَهُ أكثرُ أهل العلم عليها، وهو مع ذلك صدوق في روايته ونقله واعتقاده، إلَّا أن رأيه أضعفُ الآراء، وأبعدُها من طريق الفقه، وأكثرُها شذوذًا.
ونقل ورَّاق داود، عن أبي حاتم أنه قال في داود: ضالٌّ مضلّ، لا يُلتفت إلى وساوسِه وخطراتِه.