للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فامتَثَل أصحابُه أمرَه، ونقلوا أقواله وأفعاله، ونومَه ويقَظَتَه، وغيرَ ذلك.

ثم إنَّ مَنْ بعدَ الصحابة تلقَّوْا ذلك منهم، وبذلوا أنفسَهم في حفظه وتبليغه، وكذلك مَنْ بعدَهم، إلَّا أنه دَخَل فيمن بعد الصحابة في كل عصر قومٌ ممن ليس لَهُ أهليّةُ ذلك وتبليغُه. فأخطأوا فيما تحمَّلوا ونقلوا، ومنهم من تعمَّد ذلك، فدخلت الآفةُ من هذا الوجه.

فأقام الله طائفةً كَثِيرةً من هذه الأمة للذبّ عن سُنَّة نبيه ، فتكلَّموا في الرواةِ على قصدِ النصيحة، ولم يَعُدُّوا ذلك من الغِيبة المذمومة، بل كان واجبًا ذلك عليهم وجوبَ كفاية.

ثم ألَّف الحفاظُ في أسماء المجروحين كتبًا كثيرة، كلٌّ منهم على مبلغ علمه، ومقدار ما وصل إليه اجتهادُه، ومِنْ أجمع ما وقفتُ عليه في ذلك كتابُ: "الميزان" الذي ألَّفه الحافظ أبو عبد الله الذَّهبي.

وقد كنتُ أردتُ نَسْخَهُ على وَجْهه، فطال عليَّ، فرأيتُ أن أحذِفَ منه أسماءَ من أَخرج له الأئمةُ الستةُ في كتبهم أو بعضُهم، فلمَّا ظهر لي ذلك، استخرتُ الله تعالى، وكتبتُ منه ما ليس في "تهذيب الكمال" (١).


(١) يعني سواء كان المذكور في "تهذيب الكمال" من رُواة الستة، أو ذكره المزِّي تمييزًا، فهما جميعًا ليسا من شرط المصنف في هذا الكتاب، كما تقدم ص ٨٨ و ٨٩، وانظر ما علَّقت على الترجمة [١٠٢٤].
وإنما أحال الحافظ على "تهذيب الكمال" للمزي، ولم يُحل على كتابه "تهذيب التهذيب"، لأنه ألَّف "اللسان" قبل "التهذيب"، "فالتهذيب" لم يكن موجودًا حال تأليفه "اللسان" حتى يحيلَ عليه.
فقد أنهى "اللسان" سنة ٨٠٥، كما جاء في آخره (قبل فصل التجريد)، في حين أنهى "التهذيب" سنة ٨٠٨، كما جاء في آخره ٤٩٣:١٢.
وهذا في الجملة فقد ظلَّ -وهو الحافظ المحقق المدقق- ينقح ويصحح ويستدرك =

<<  <  ج: ص:  >  >>