للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخَرَج بقوله: "ثقةً في دينه" من كان مبتدِعًا بدعةً يُكفَّر بها، وكذلك غيرُ المميِّز من صبيٍ ومجنون.

وأما قوله: "عاقلًا لما يُحدِّث به"، فقال ابن حبان (١): العقلُ لما يُحدِّثُ مِن الحديث أن يَعقِلَ من اللغة مقدار ما لا يُزيلُ معاني الأخبار عن سَنَنها، ويعقِلَ من صناعة الحديث ما لا يَرفعُ موقوفًا، ولا يصِلُ مرسَلًا، أو يُصحِّفُ اسمًا.

قال: والعلمُ بما يحيل معاني ما يرويه، هو أن يعرف من الفقه (٢)، مقدار ما إذا أدى خبرًا، أو رواه من حفظه، أو اختصره: لم يُحِلْه عن المعنى الذي أراده رسول اللّه إلى معنى آخر.

قلت: ولا خلاف بين الأئمة في اشتراط هذه الشروط، إن جوَّزنا الرواية بالمعنى.

وقد تضمن هذا الفصلُ من كلام الشافعي، جميعَ الشروط المتفق عليها بين أهل الحديث في حَدِّ من تُقبَلُ روايته.

وأما من شَرَط العَدَدَ فهو قولٌ شاذ، مخالفٌ لما عليه الجمهور، بل تُقبَلُ روايةُ الواحد إذا جَمَع أوصاف القبول.

وكذا من يَشْترِطُ أن يكون فقيهًا عالمًا، فهو خلاف ما عليه الجمهور وحجَّتُهم قول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَثَبَّتوْا﴾ (٣)، الآية، معناه أن لا يُتَثبَّت في غير خبر الفاسق، ولو لم يكن عالمًا.


(١) في مقدمة "صحيحه" ١: ١١٣.
(٢) في أ د: "أن يعلم الفقه".
(٣) هذه القراءة (فتثبَّتُوا) هي قراءة حمزة والكسائي وخلف، وقراءةُ الباقين: (فتبيَّنوا) وكلا القراءتين مفسرة للأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>