قال ابن الدُّبَيثي: كان شيخُنا ابن الجوزي سيِّئ الرأي فيه، يُطلق القول بفساد معتقده، ورداءة مذهبه.
قلت: وذكره في "المنتظم" فقال: ناظر وأفتى إلَّا أنه كان يَظْهر في فَلَتات لسانه، ما يدلُّ على سوء عقيدته، وكان لا ينضبط، فكل مَنْ يجالسه يَعْثُر منه على ذلك، فكان تارةً يميل إلى مذهب الفلاسفة، وتارة يعترض على القَدَر. وقال لي القاضي أبو يعلى بن الفَرَّاء: منذ كتبَ صدقةُ "الشفاء" لابن سِيناء تغيَّر.
وحكى ابن الجوزي من سوء اعتقاده أشياء، إلى أن قال: ولما كَثُر عُثوري منه على هذا هَجَرته، ولم أصَلِّ عليه، وكان قد سمع من أبي الحسن بن الزاغوني، وسعيد بن البناء، وأبي طالب اليُوسفي، وأبي عثمان بن مَلَّة، وكان مليح الخط، نسخ الكُتبَ.
وأورد له ابن الجوزي من شعره الدال على سُوء معتقده:
لا تُوَطِّنها فليست بمُقامِ … واجتنبها فهي دارُ الانتقامِ
أتُراها صنعةً من صانعٍ … أَمْ تُراها رَمْيةً من غير رامِ
مات سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.
وقد ذكر له ابنُ النجار ترجمة جَيّدة، وذَبَّ عنه في أشياء نُقِلَتْ عنه، ووَهَّى بعضَ ما ثَلَبه به ابنُ الجوزي.
وملخَّص ما ترجمه به أن قال: صدقة بن الحسين بن الحسن بن بَخْتِيار، أبو الفَرَج، الفقيهُ الحنبليّ صاحب أبي الحسن بن الزاغوني، برع في الفقه والأصول والكلام، وقرأ المنطق والحكمة.
وكان متعففًا، غزير الفضل، ذا قريحة حسنة، وفطنة وذكاء. وقد نسخ بخطه لنفسه ولغيره كثيرًا، وكان حَسَن الخط، وكان يتقوَّت من أجرة نسخه،