الفرات من بغداد، فرده علي بن عيسى، فحدَّث وأظهر فضائل علي، ثم تَحَنْبَل وصار شيخًا فيهم.
قلت: كان قويَّ النفس، وقع بينه وبين ابن صاعد، وبين ابن جرير، نسأل الله العافية.
قال ابن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يُصْلح بين أبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، فجمعهما وحضر القاضي أبو عمر، فقال الوزير لأبي بكر: أبو محمدٍ بنُ صاعد أكبر منك، فلو قُمْتَ إليه، فقال: لا أفعل، فقال له: أنت شيخ زَيْف، قال أبو بكر: الشيخ الزَّيفُ: الكذابُ على رسول اللّه ﷺ.
فقال الوزير: مَنْ الكذاب على رسول اللّه ﷺ؟ قال أبو بكر: هذا، ثم قال: أتظن أني أَذِلّ لأجل رزقٍ يَصِل إليَّ على يدك، واللّه لا أخذتُ من يدك شيئًا أبدًا، وعَلَيَّ مئة بَدَنة إن أخذت منك شيئًا، فكان المقتدر بعد يَزِنُ رزقه بيده، ويبعثه على يد خادم.
وقال محمد بن عبد اللّه القطان: كنت عند محمد بن جرير، فقال رجل: ابن أبي داود يَقْرأ على الناس فضائل علي ﵁، فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس (١)!
قلت: وقد قام ابن أبي داود وأصحابه -وكانوا خلقًا كثيرًا- على ابن جرير، ونسبوه إلى بدعة اللفظ، فصنَّف الرجلُ معتقدًا حسنًا سمعناه، تنصَّل فيه مما قيل عنه، وتألَّم لذلك.
(١) يُعرِّض بأن ابن أبي داود يريد أن يُبعد عنه تهمة النَّصْب دون قصده إظهار فضل علي ﵁، كالحارس الذي يكبِّر في الليل لا ليذكر اللّه، وإنما ليبقى مستيقظًا، وليعرِّف الآخرين بمكانه.