قلت: وقال موسى بن هارون الحَمَّال: لو جاز أن يُقال للإِنسان: إنه فوق الثقة، لقيل لأبي القاسم، وقد سمع ولم نَسْمَع، قيل له: فإن هؤلاء يتكلَّمون فيه! قال: يحسُدونه، ابنُ منيع لا يقولُ إلَّا الحق.
وقال عبد الغني بن سعيد: سألت أبا بكر النقَّاش فقلت له: تحفظُ شيئًا مما أُخِذ على أبي القاسم؟ فقال لي: كان غَلِط في حديث عن محمد بن عبد الواهب، فحدَّث به عنه، وإنما سمعه من إبراهيم بن هانئ، عن محمد بن عبد الواهب. فأخذه عبد الحميد الورَّاق بلسانه، ودار على أصحاب الحديث.
فخرج إلينا أبو القاسم لما بلغه ذلك، فعرَّفنا أنه غَلِط، وأنه أراد أن يكتب: حدثنا إبراهيم بن هانئ، فمرَّتْ يده على العادة، ورجع عنه.
قال أبو بكر: ورأيتُ فيه الانكسار والغَمّ. قال: وكان ثقة.
وقال حمزة: سمعت الأَرْدَبِيلي يقول: سُئل ابن أبي حاتم عن أبي القاسم يَدْخُل في الصحيح؟ قال: نعم.
قال حمزة: وقال عَبْدان: لا شك أنه يدخل في الصحيح.
قال حمزة: وسمعت الدارقطني يقول: كان أبو القاسم قلَّما يتكلم على الحديث، فإذا تكلَّم كان كلامه كالمِسْمَار في السَّاج.
وقال السُّلمي: سألت الدارقطني عنه فقال: ثقةٌ جَبَل، إمامٌ من الأئمة، ثَبْت، أقلُّ المشايخ خطأ.
وقال أبو مسعود البجلي: روى أبو القاسم حديثًا، فتكلَّم فيه جماعة من شيوخ وقته، فقطعَ الإِملاءَ، ولم يزل يجتهد في تتَبُّع الكتب، حتى وجد أصلَه بخطِّ جده.
قال الخطيب في "تاريخه": استكمل مئة سنة، وثلاث سنين، وشهرًا واحدًا.