وحَجَّ سنة سبع أو ثمان ومئتين. فسمع من مطرف، وابن الماجشون، وإبراهيم بن المنذر، وعبد الله بن عبد الحكم، وأكثر جدًّا عن أهل الحجاز، وأهل مصر.
ورجع سنة ست عشرة بعلمٍ جَمّ، فانتشرَتْ روايته، وقرَّره أميرُ الأندلس في المُفْتِين مع يحيى بن يحيى وغيره. وكان الذي بينه وبين يحيى سيئًا جدًّا، ومات يحيى قبلَه فانفرد.
روى عنه ابناه محمد وعبد الله، وأحمد بن راشد، وإبراهيم بن خالد، ومحمد بن فُطَيس، وبقي بن مخلد، ومحمد بن وَضّاح، وآخَرون، آخرهم موتًا المُغَامِي.
وقال أحمد بن عبد البر: كان كثيرَ الكتب، فقيهَ البَدَن، طويل اللسان، أديبًا، أخباريًا، وكان يخرج من الجامع وخلفه نحو ثلاث مئة طالب، وكان يُقرأ عنده ثلاثون دولة كلَّ يوم في تصانيفه خاصة.
وكان يلبس الخَزّ ظاهرًا، إجلالًا للعلم، وإلى جسمه مِسْحُ شَعَرٍ تواضعًا. وكان صوّامًا قوّامًا، متقلِّلًا من الدنيا.
ويقال إن سُحْنون لما بلغْته وفاته قال: مات عالم الأندلس.
وكان العُتْبي يقول: ما أعلم أحدًا ألَّف على مذهب أهل المدينة تآليفَه، وله من التواليف:"الواضحة" و "الجوامع"، و "فضائل الصحابة"، و "الرغائب" وغير ذلك. ويقال إنها بلغت ألف كتابٍ وخمسين كتابًا.
وذكر الباجي أن أبا عمر بن عبد البر كان يكذّبه.
وقال أحمد بن سعيد الصَّدفي: كان يطعن عليه أنه يستجيز الأخذَ بالمناولة بغير مقابلة. ويقال: إن ابن أبي مريم دخل عليه فوجد عنده كتبَ