للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أخرج الحديثَ المذكور الحافظُ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي في "الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين" وقال بعده: زهيرٌ لم يذكره البخاري، ولا ابنُ أبي حاتم في كتابيهما، ولا زَيّادُ بن طارق. وقد روى محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه نحو هذه القصة والشعر.

قلت: فالحديثُ حسن الإِسناد، لأن راويَيْه مستوران، لم تتحقَّق أهليتهما ولم يجرَحا، ولحديثهما شاهدٌ قوي، وصرِّحا بالسماع، وما رُميا بالتدليس، لا سيما تدليسَ التسوية الذي هو أفحشُ أنواع التدليس، إلاِّ في القول الذي حكيناه آنفًا عن ابن عبد البر، ولا يثبت ذلك إن شاء الله.

وقد وقع لي الحديثُ المذكور عاليًا جدًّا عُشاريَّ الإِسناد، قرأتُه على العلَّامة أبي إسحاق بن الحريري، أخبركم أحمد بن الفخر البعلي، أخبرنا محمد بن إسماعيل المقدسي، أخبرنا يحيى بن محمود، أخبرنا أبو عدنان بن أبي نزار حضورًا، وفاطمةُ الجُوزْدانية سماعًا، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا عبيد الله بن رماحس بِرَمَادة الرملة سنة ٢٧٤، حدثنا أبو عَمْرو زَيَّاد بن طارق، وكان قد أَتَتْ عليه مئة وعشرون سنة، قال: سمعت أبا جرول زهير بن صُرَد الجُشَمي يقول:

لما أَسَرنا رسولُ الله يوم حنين، يوم هَوَازِنَ، وذهب يفرق السَّبْيَ والشاء، أتيتُه فأنشدته أقول:

امنُنْ علينا رسولَ الله في كَرَمٍ … فإنك المرءُ نرجوهُ وننتظرُ

امنُنْ على بَيْضةٍ قد عاقَها قَدَرٌ … مشتِّتٌ شَمْلُها في دَهْرِها غِيَرُ

أبقَتْ لنا الدّهرُ هُتَّافًا على حَزَنٍ … على قلوبهمُ الغَمّاء والغُمَرُ (١)


(١) سقط هذا البيت من ط ٤: ١٠١. وفي "أُسْد الغابة" "تَهْتَانًا" بدل "هتافًا". وهو أصحّ من حيث المعنى. والتَّهْتَان: الانصِباب، وهو كناية عن دَمْع العَيْن.

<<  <  ج: ص:  >  >>