وقرأت في كتاب "الأنساب" للهَمْداني ما نصه: وافى إلى مكةَ على رأس عشر وثلاث مئة رجل مغربي من كُورَةِ مَرَنْدَة، فقال للناس في الموسِم: إن له ثلاث مئة سنة، وإنه قد خَدَم علي بن أبي طالب، وسأله الناس أن يَنْعَتَه، فنَعَته بغير ما أتى في السِّيرة من صِفَته، وسألنا أصحابَه عنه، فذكروا أن آباءهم وأجدادهم يعرفونه على ذلك.
قال الهمداني: وكان الكِبَرُ يدل على أنه ممن يزيد على خمسين ومئة سنة. قال: وكان بوجهه أثرٌ، ذكر أن بَغْلة عليّ رمحَتْه فأسْأَرَتْ ذلك الأثَرَ بوجهه.
وسألناه عن مولده، فذكر أنه خرج هو وأبوه من صَعْدَة إلى المدينة، وأنه ضَلّ عن الطريق، وزَلّ عن أبيه، فلقي رجلًا في فلاة من الأرض وقد ظمئ، فدلّه على ماء، فشربَ منه أربع غُرَف، فقال له: أنت تعيش أربع مئة سنة، وأن ذلك الرجلَ الخَضِرُ، ثم دلّه على الطريق فلحق بأبيه.
وكان يقول للناس: إنه لا يموت حتى يتم له أربع مئة سنة، وأنه حكى هذا الخبر لعلي بن أبي طالب فقال له: ذاك الرجلُ الصالح: الخَضِرُ، قال: وكان عليّ يسميني أبا الدنيا، فسألناه من أي صَعْدة كان؟ فقال: من العشش أو العَشَّة، وهما موضعان بصَعْدة، فسألناه من كان أهلُ صعدة إذ ذاك؟ فقال: تميم بن مُرٍّ.
قال الهمداني: وما يعلم أنه دخلها تميمي قطّ إلَّا مستطرقًا سائرًا إلى اليمن، وقد كان يأتي بتخاليطَ، وغير ذلك.
قلت: وسيأتي في المحمدين، ذكرُ مَنْ سَمَّاه محمّد بن أبي الدنيا [بعد ٦٧٦٨](١)، فإذا تأملتَ هذه الروايات، ظهرتَ على تخليط هذا الرجل في اسمه
(١) كذا سماه الحافظ هنا وفي المحمدين [بعد ٦٧٦٨]، وأحال هناك على ترجمة =