اتهمه بعض الناس، ولكنه خلافُ ظاهرِ حاله، لأنه لو كان اختار قولًا أو مذهبًا، ما كان عنده من يخاف منه حتى يتستَّر عنه، ولعل سببه أنه كان يستفرغ قُواه في تقرير دليل الخصم، فإذا انتهى إلى تقرير دليل نفسه، لا يَبْقى عنده شيء من القُوَى، ولا شك أن القُوى النَّفْسانية تابعة للقوى البدنية.
وقد صرح في مقدمة "نهاية العُقول" أنه يقرر مذهبَ خصمه تقريرًا لو أراد خصمُه أن يقرّره لم يقدر على الزيادة على ذلك.
وذكر ابن خليل السَّكوني في كتابه "الرد على الكشاف": أن ابن الخطيب قال في كُتُبه في الأصول: إن مذهب الجَبْر هو المذهبُ الصحيح. وقال بصحة بقاء الأعراض، وبنَفْي صفات الله الحقيقية، وزعم أنها مجرَّد نِسَب وإضافاتٍ، كقول الفلاسفة، وسلك طريق أرسطو في دليل التمانُع.
ونقل عن تلميذه التاج الأُرْمَوي، أنه نَصَر كلامه فهجره أهلُ مصر، وهَمّوا به فاستتر. ونقلوا عنه أنه قال: عندي كذا وكذا مئة شُبهة على القول بحدث العالم (١)، ومنها: ما قاله شيخُه ابن الخطيب في آخر "الأربعين": والمتكلِّم يستدل على القِدَم بوجوب تأخُّر الفعل، ولُزومِ أوّليته، والفيلسوفُ يستدل على قِدَمه باستحالة تعطُّل الفاعل عن أفعاله.
وقال في "شرح الأسماء الحسنى": إن مَنْ أخَّر عقابَ الجاني، مع علمه بأنه سيعاقبه: فهو الحَقُود. وقد تُعِقَب بأن الحَقُود مَنْ أخَّر مع العَجْز، أما مع القدرة فهو الحليم، والحَقُود إنما يُعقل في حق المخلوق دون الخالق بالإجماع.
ثم أسند عن ابن الطبّاخ: أن الفخر كان شِيعيًا، يقدّم محبة أهل البيت كمحبه الشيعة، حتى قال في بعض تصانيفه: وكان علي شجاعًا بخلاف غيره.
(١) (بحدث) هكذا في ص ك. والأَولى: "بحدوث العالم" كما في أ ط.