نابية إلَّا من أندر النادر، وحينما يغضب جدًّا، وأكثر غضبه لله ﷾.
وكان عفيف النفس لا يطلب من مسؤول أمرًا لذاته، وإنما لأحبابه وإخوانه.
وكان صبورًا على الطاعة والابتلاء، حريصًا على الصلاة حرصًا شديدًا، مؤديًا لها في أول وقتها، في الحضر والسفر، والتعب والمرض، غارسًا ذلك في أولاده وأحفاده، فإذا كان نائمًا أو متعبًا ونُبِّه إلى الصلاة، انتفض وقام مسرعًا، وطالما ذكر قصة عمر بن الخطاب ﵁ في وفاته، وقولَه:(لَا حَظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة).
وكان خِدْنًا للقرآن، له ورد صباحي يومي، لا يدعه إلَّا مضطرًا، مع إكثاره من الأذكار والأوراد، فلا تجده جالسًا بدون عمل علمي من تأليف أو تحقيق أو تعليم أو مذاكرة أو إفتاء، إلَّا وجدته يسبح ويحمدل ويهلل ويكبر.
وكان رقيق القلب، سريع الدمعة، كثير العبرة، يفيض دمعه عند قراءة القرآن وذكر الله، وقصص السلف والصالحين، وفي المواقف الروحانية، وعلى مآسي المسلمين وآلامهم، وعندما يُمْدَح، ومن حضر حفل تكريمه عند الشيخ عبد المقصود خوجهْ المسمى "الاثنينية" رآه كيف قطع الحفل كله بالبكاء.
وكان يألم ويحترق على مآسي هذه الأمة وأحوالها، وقد فقد سمعه بأذنه اليمنى بعد أن زاره شخص وحكى له عن مآسي المسلمين في بلد من البلدان، فحزن حزنًا شديدًا وبات ليلته حزينًا مهمومًا، وفي اليوم التالي شعر بدم يسيل من أذنه ثم ذهب سمعه.