للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورحل سنة ثلاثين إلى نيسابور، فأدرك أبا حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وكتب عن الأصم نحوًا من ألفِ جزء.

ثم رحل إلى بغداد فلقي ابن البَخْتَري والصفّار. ولقي بدمشق أو غيرها خيثمة بن سليمان. ولقي بمكة أبا سعيد بن الأعرابي. وبمصر أبا الطاهر المَدِيني. وببخارى ومَرْو وبَلْخ جماعة.

وطوَّف الأقاليم، وكتب بيده عدة أحمال، وبقي في الرحلة نحوًا من أربعين سنة، ثم عاد إلى وطنه شيخًا، فتزوَّج ورُزق الأولاد، وحدَّث بالكثير، وكان من دعاة السنَّة وحُفّاظ الأثر.

قال الباطِرْقَاني: حدثنا ابن منده إمام الأئمة في الحديث. وقال ابن منده: كتبت عن ألف شيخ وسبع مئة شيخ.

وقال أبو إسحاق بن حمزة الحافظ: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن منده. وقال جعفر المستَغْفِري (١): ما رأيت أحفظ من ابن منده، وسألته ببخارى كم يكون سماعاتُ الشيخ؟ قال: يكون خمسة آلاف مَنٍّ (٢)، ويقال: إنه لما رجع إلى أصبهان قَدِمَها ومعه أربعون حِمْلًا من الكتب والأجزاء.

والذي قال أبو نعيم في "تاريخه": حافظٌ من أولاد المحدثين، مات في سلخ ذي القَعْدة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، اختلط في آخر عمره، فحدث عن أبي أَسِيد، وعبد الله بن أخي أبي زرعة، وابن الجارود، بعد أن سُمع منه


(١) في ص: "أبو جعفر" والصواب ما أثبته من ل أ ك و "سير أعلام النبلاء" ١٧: ٣٥.
(٢) (المَنُّ): بفتح الميم وتشديد النون: وزن من الأوزان القديمة، يقدَّر برطلين. وقال الذهبي في "السير" ٣٥:١٧: "يكون المنّ نحوًا من مجلَّدين أو مجلَّدًا كبيرًا" وقال في "تذكرة الحفاظ" ٣: ١٠٣٤: "المَنّ يجيء عشرة أجزاء كبار". وقال الصفدي في "الوافي" ٢: ١٩٠: "يكون خمسة آلاف صِنّ، والصِّن بكسر الصاد السَّلَّة المطبَّقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>