ولما مدحه شاعر طيبة الأستاذ محمد ضياء الدين الصابوني سدده الله في "الاثنينية"(١)، بقوله:
أبو حنيفة في رأي وفي جدلٍ … يسمو بهمَّتهِ لأرفع الرُّتبِ
عقَّب على ذلك والدي ﵀ بقوله: وكذلك الإخوة الَّذين تكلموا وتفضلوا بهذه الكلمات عني، فقد أغدقوا، ولكنهم أوسعوا وأرهقوا، حتى دخلت مع أبي حنيفة ﵁ بالمواجهة كما قال أخي الشاعر ضياء الدين الصابوني، فهذا شيء لا يبلغ من قدري أن أكون ذرَّة رمل أو تراب في جنب أبي حنيفة، من أبو حنيفة؟ أبو حنيفة رحمة من رحمات الله ﷿ أهداها الله ﷾ لهذه الأمة كما أهدى الإمام مالكًا، والإمام أحمد، والإمام الشافعي ﵁ والإمام ابن جرير … ، فهؤلاء الأئمة … فإن صلحت أن أكون رملة صغيرة في جنب هؤلاء فهذا وسام عظيم وفضل كريم، لا أستطيع الشكر عليه، فأعتذر عن مثل هذه الكلمات التي وجهت في جنب الحديث عني، فإنها لا تستطيع نفسي سماعها ولا قَبولها، وإن صدرت من أخ محب صادق في نية حسنة، ولكن الحق أحق أن يتبع. اهـ.
وكانت له نظرة في الرجال وفَرَاسة فما رأيته وصف شخصًا بوصفٍ أو مَدْحٍ أو قَدْحٍ إلَّا وجدتُه فيه ولو بعد حين.
وكذا نَظرتُه في الأمور تجدها مسددة، ولو بعد حين، وظني أنه مسدد بتقواه وعقله، كما كان يصف الإمام حسن البنا رحم الله الجميع.
وكان محببًا إلى زوجه وأولاده وأحفاده، موجِّها ومربِّيًا لهم باللطف والذوق والحكمة والحُنكة، فما رحل عنهم إلَّا وهو عزيز وغالٍ يودون لو يفدونه بأرواحهم وأولادهم وأموالهم.