وقال ابن السمعاني: كان أسندَ شيخ بقي على وجه الأرض، وكانت إليه الرِّحلة من الأقطار، عارفٌ بالعلوم، متفنِّن، حسن الكلام، ما رأيت أجمعَ للفنون منه، وكان قد نظر في كل علم، وسمعتُه غير مرة يقول: تُبْتُ من كل علم تعلَّمتُه إلَّا الحديثَ وعلمه.
وكان آخرَ من حدث عن إبراهيم بن عمر البَرْمَكي، وأبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري، وأبي الحسن بن الآبِنُوسي، في آخرين، وتفرَّد بسماع قطعة من كُتُب الخطيب.
ورحل إلى مصر، فسمع بها من الحَبَّال، وبمكة من أبي معشر الطبري، وكانت له إجازة من القُضَاعي، وأبي القاسم التّنوخي، وغيرهما.
قال: ورأيته بعد ثلاث وتسعين سنة من مولده، وما تغيَّر من حواسه شيء، حتى كان يقرأ الخط الدقيق من بعيد، وكان حصل له صَمَم، فكان يحدَّث من لَفْظِهِ قدرَ شهرين، ثم زالَتْ عِلَّتُه وسَمِع.
وسمعته يقول: ما أعرف أني ضيَّعت ساعةً من عمري في لهو أو لعب. وسمعته يقول: حفظت القرآن ولي سبع سنين، وكان وقع في أسر الروم، فتعلم الخط بالرّومية.
قال: وسمعت أبا القاسم بن السمرقندي غير مرة يثني عليه ويقول: ما بقي مثلُه.
قال: وسمعتُه يقول: لما وُلدت جاء منجِّم من جهة أبي، ومنجِّم من جهة أمي، وأخذا الطالعَ، واتفقا أن يكون عمري اثنين وخمسين، فها أنا زِدْتُ على ما قالا أربعين، وكان يقول ذلك رَدًّا عليهم مع معرفته بالفن. مات في رجب سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.