للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى السمعاني في "الأنساب" في ترجمة المحدِّث سعد الخير (١) قال: كانت له بناتٌ، فكان يُسَمِّعْهن، إلى أن رُزِق ابنًا سماه جابرًا، فكان يسمِّعه، فاتفق أنه حضر مجلس القاضي أبي بكر، فشمَّ منه رائحة عُود، فقال: هذا عود طيب، فحمل هو منه إلى القاضي نَزْرًا يسيرًا، فناوله لجاريته فاحتَقَرَتْه (٢)، فلما حضر عند القاضي قال: يا سيدنا وَصلَ العودُ؟ فقال: لمن دفعتَه؟ قال: للجارية، فسألها فقالت: احتقرتُ تقديمَه إليك، وأحضَرَتْه.

فقال لسعد الخير: هذا هو القَدْرُ الذي دفعتَه إليها؟ قال: نعم، فأخذه القاضي ورَمَى به، وحلف أن لا يحدّث ابنه بـ "جزء" الأنصاري، وكان سأله فيه، إلَّا إن حَمَل إليه خمسةَ أَمْنانٍ عُودًا من ذلك العُود.

فامتنع سعدُ الخير، وأقام أيامًا يلتمس من القاضي أن يكفِّر عن يمينه، فألحَّ، حتى مات القاضي ولم يحدِّثه بالجزء المذكور.

وقال ابن السمعاني في "الذيل": حصلَتْ له خاتمةٌ حسنة، بقي ثلاثة أيام لا يَفْترُ عن قراءة القرآن من حفظه إلى أن مات، وأوصى أن يُكتب على لوح قبره: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)﴾.

وقال ابن النجار في "الذيل": قال أبو الفضل بن شافع: سمعتُه يقول: نظرت في كل علم، وحصَّلتُه كلَّه أو بعضَه، إلَّا هذا النحو، فإني قليلُ البضاعة فيه. قال ابن شافع: وما رأيت أبا محمد يعظِّم أحدًا من مشايخه تعظيمَه له، يعني ابن الخَشَّاب.

وكان ابن ناصر يقول: سمعنا هذه الأجزاءَ من القاضي أبي بكر من ثلاثين سنة، فأَلْحَقَ بنا الصبيانَ فيها.

وقال ابن النجار: سمع الكثير، وأقرأ بنفسه، وكتب بخطه، وصنَّف في


(١) الأنساب ٢: ٣٢٠ (البَلَنْسِي).
(٢) المراد بالجارية: جارية الشيخ وهو محمد بن عبد الباقي المترجَم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>