قال: ثم تكرَّر عرضي ببركته لها عليه في ثلاث ليال وعيناه تَهْمِلان، فلما قلت:"والكَفُّ عن مساوئ الصحابة" فاضت عيناه حتى عَلا نحيبُه.
قال محمد بن عكاشة: لمّا استيقظتُ، وجدت في فمي حلاوةً، فمكثت ثمانية أيام لا آكلُ طعامًا، حتى ضَعُفْت عن القيام للفريضة، فأكلتُ، فذهبَتْ تلك الحلاوة من فمي.
وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لأبي زرعة: محمد بن عكاشة الكرماني؟ فحرك رأسه وقال: رأيتُه وكتبتُ عنه، وكان كَذَّابًا. قلتُ: كتبتَ عنه الرؤيا التي كان يحكيها؟ قال: نعم كتبتُ عنه، يزعم أنه عَرَض على شَبَابَة: الإِيمانُ قولٌ وعمل، يزيدُ وينقصُ، فقالَ بِهِ، وأنه عَرَض على أبي نعيم: عليٌّ ثم عثمانُ، فقالَ به.
وهو كذاب، ولا يُحسِن أن يكذبَ أيضًا، يعني أن شبابةَ لا يقول ذلك، وكذا أبو نعيم.
قلت: أين رأيتَه؟ قال: قدم هنا مع محمد بن رافع، وكان رفيقَه، وكنتُ أرى له سَمْتًا، فسألت محمدَ بن رافع عنه، فكره أن يقول فيه شيئًا، فقال: لا يَخْفَى عليك أمرُه إذا فاتحتَه.
فأتيتُه فقلتُ: إن رأيتَ أن تفيدني شيئًا، فارتعد، ثم كاد يَصْعَق، واضطرب بطنُه، فهالني ذلك، ثم أقبل عليَّ فقال (١): أول ما أملى عليَّ، أن كَذَب على الله، وعلى رسوله ﷺ، وعلى عليّ، وعلى ابن
(١) القائل هو أبو زرعة، والمصنف اختصر القصة، فاختلَّ السياق، وفي "سؤالات البرذعي" ٢: ٥٤٠ "فهالني ذلك هولًا شديدًا، ثم أفاق … فكان أول ما ابتدأ به أنه كذب على الله وعلى رسوله وعَلَى عليّ بن أبي طالب وعلى ابن عباس، قلت - القائلُ البرذعي -: وكيف كذبَ عليهم؟ قال - القائلُ أبو زرعة -: أول ما أملاه عليَّ قال: حدثنا … "، وانظر "مختصر تاريخ دمشق" ٢٣: ٦٣.