وقد أطراه الكمالُ ابن الزَّمْلَكاني، فقال: هو البحرُ الزاخر في المعارف الإِلهية، وإنما ذكرتُ كلامه وكلامَ غيره من أهل الطريق، لأنهم أعرف بحقائق المَقَامات من غيرهم، لدخولهم فيها، وتحقُّقهم بها ذَوْقًا، مُخبِرين عن عين اليقين (١).
وقال صفي الدِّين بن أبي المنصور: كان من أكبر علماء الطريق، جمع بين سائر العلوم الكَسْبية ما وُفِّر له من العلوم الوَهْبية، وكان غَلَب عليه التوحيد علمًا وخُلُقًا وحالًا، لا يكترث بالوجود، مُقبِلًا كان أو مُعْرِضًا، ويَحْكي عنه من يتعصَّب له أحوالًا سُنِّية، ومعارفَ كثيرة، والله أعلم.
وقرأت بخط أبي العلاء الفَرَضي في "المشتبه" له: كان شيخًا عالمًا، جامعًا للعلوم، صنف كتبًا كثيرة، وهو من ذرية عبد الله بن حاتم الطائي، أخي عَدِيّ بن حاتم، وأما عديٌّ فلم يُعْقِب.
وقال القطب اليُونِيني في "ذيل المرآة" في ترجمة سعد الدين بن محيي الدين بن عربي: كان والدُه من كبار المشايخ العارفين، وله مصنفاتٌ عديدة، وشعرٌ كثير، وله أصحابٌ يعتقدون فيه اعتقادًا عظيمًا مُفْرِطًا، يَتَغالَون فيه، وهو عندهم نحوُ دَرَجة النبوة، ولم يصحَبْه أحد إلَّا وتَغَالى فيه، ولا يخرجُ عنه أبدًا، ولا يفضِّل عليه غيرَه، ولا يساوِي به أحدًا من أهل زَمَانه، وتصانيفه لا يُفهم منها إلَّا القليل، لكن الذي يُفهم منها حسنٌ جميل. وفي تصانيفه كلماتٌ ينبو السَّمْع عنها، ويزعم أصحابُه أن لها معنى، باطنُها غيرُ الظاهرِ، وبالجملة فكان كبيرَ المقدار، مِن سادات القوم، وكانت له معرفةٌ تامة بعلم الأسماء والحروف، وله في ذلك أشياءُ غَرِيبة، واستنباطاتٌ عجيبة. انتهى.
(١) عبارة ابن الزَّمْلَكاني في "الوافي" ٤: ١٧٧ هكذا: "والمُخبِر عن الشيء ذوقًا، مُخْبِر عن عين اليقين، فاسأل به خبيرًا".