للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عدي: وليس ابن مُناذر من أصحاب الحديث، وكان الغالب عليه المجون واللهو.

وقال أبو الفرج الأصبهانيّ عن المبرد: كان شاعرًا فصيحًا متقدمًا في العلم باللغة، وقد أخذ عنه أكثر الفقهاء، وكان في أول أمره يتألَّه، ثم عدل عن ذلك، وتهتَّك، وخلع، حتى نُفِي عن البصرة إلى الحجاز، فمات هناك.

قال المبرد: وكان ابن مناذر يقول: إن الشعر ليزيد عليَّ حتى لو شئتُ أن لا أتكلم إلَّا بالشعر لفعلت.

وكان سبب تهتكه، أنه أحب عبد المجيد بن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأفرط في ذلك، فلما مات عبد المجيد رَثاه، ثم تحوَّل إلى مكة، وكان يجالس سفيان بن عيينة، فكان ابن عيينة يسأله عن معاني الحديث، فيخبره بها، ويقول له سفيان: كلامُ العرب آخذٌ بعضه برقاب بعض.

قال: وكان إذا قيل له: ابن مَنَاذر بفتح الميم، يغضبُ ويقول: إنما مَناذر كُورة من كُوَر الأهواز، واسم أبي: مُناذِر بالضم، على وزن مُفاعِل.

قال المبرد: لما عدل ابن مناذر عن النُسك وتهتِّك، لامَتْه المعتزلةُ، ووعظوه فلم يتعظ، وتوعدوه بالمكروه فلم ينزجر، ومنعوه من دخول المسجد، فنابذهم وهجاهم، وكان يأخذ المداد بالليل فيطرحه في مَطاهِرهم، فإذا توضأوا به تسودّ وجوههم.

وقال أبو عثمان المازني: إنه لما خرج إلى مكة وأقام بها تنسَّك، وكان قوم يقولون عنه: إنه دهري، وكان عبد المجيد المذكور أولًا من أحسن الناس وجهًا وأدبًا ولباسًا، وأكملهم في جميع أموره، وكان على غاية الودّ لابن مناذر، وكان أبوه لا ينكر عِشْرته به، لأنه لم يكن بلغه عنه ريبة، بل كان جميل الأمر عفيفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>