للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال سليمان ابن أبي الشيخ: حدثني عوام الكوفي، سمعت ابن عيينة يقول كلامًا مستحسنًا، فسأله ابن مناذر أن يُمِلَّه عليه، فتبسم وقال: إنما سمعتُه منك فاستحسنتُه فحفظتُه، فقال له: وعلى ذلك أحب أن تُمِلَّه عليَّ، فإني إن رويتُه عنك كان أنفَقَ له من أن أنسُبه إلى نفسي.

قال: ولما مات ابن عيينة رثاه ابن مناذر بقوله:

راحُوا بسُفيانَ على نعشه … والعلمِ مَكْسُوَّينِ أكفانا

وقال أبو معاوية الغلابي عن ابن عيينة: كلَّمني ابنُ مناذر أن أكلم له جعفر بن يحيى، فكلمتُه له، فقال: إن أحبَّ أن أعطيه على الحديث أعطيته قليلًا، فقلت له ذلك، فقال: نعم، فإني قد تركت الشعر.

وقال أبو الفرج الأصبهانيّ: أخبرني هاشم بن محمد، حدثني العباس بن ميمون بن طائع، حدثني سليمان الشاذكوني قال: كنا عند ابن عيينة، فحدث عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ في قوله ﷿: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾، قال: سَدَادًا، قال: فقال ابن مناذر وهو بجَنْبِي: التنزيلُ أبينُ من التأويل.

ومن مجونه ما حكاه ابن المعتز في "الطبقات" قال: قدم رجل من البصرة يقال له: الصواف، فقال له ابن مناذر يمازحه: من أي أهل البصرة أنت؟ قال من محلة كذا، قال: تعرف ابن زانيةٍ هناك يقال له: الصواف؟ قال: نعم أعرفه، يلازم أمَّ ابنِ مُنَاذر.

قال: وكان ابن مناذر من حُذَّاق الأدباء وفحولهم، وهو القائل:

رَضِينا قِسْمةَ الرحمن فينا … لنا حَسَبٌ وللثقفي مالُ

وما الثقفيُّ إن جادَتْ كِسَاهُ … ورَاعَك شخصُه إلَّا خَيَالُ

قال: وكان أصله من عَدَن، ثم تحوّل إلى البصرة، ثم رجع إلى مكة إلى أن مات بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>