وصنف "الواضح المبين في من استُشْهِد من المحبِّين"، فعثر منه الشيخ صلاحُ الدين العلائي على كلامٍ ذكره في أوائله، فأغرى به القاضي موفَّق الدين الحنبلي، فعزَّره ومنع الكُتْبيين من بيع ذلك الكتاب، وتألَّم الشيخ علاء الدين مغلطاي من ذلك، وشمَّت به جماعة من أقرانه.
وكان قد دَرَّس للمحدثين بجامع القلعة، وقرأ عليه في الدرس شمس الدين السُّرُوجي الحافظ، ورأيت له ردًا عليه في "الجزء" الذي خَرَّجه لنفسه، وفيه أوهام شنيعة، مع صِغَر حجمه، وكذلك رأيت ردًا عليه في هوامشه للحافظ أبي الحسين بن أيبك، وذكر شيخُنا العراقي أن العلائي رد عليه أيضًا فيه.
وعمل في فن الحديث "إصلاح ابن الصلاح" فيه تعقّبات على ابن الصلاح، أكثرها غيرُ واردٍ، أو ناشئ عن وَهَم أو سوء فَهْم، وقد تلقاه عنه أكثر مشايخنا، أو قلَّدوه فيه، لأنه كان انتهت إليه رئاسة الحديث في زمانه، فأخذ عنه عامة من لقيناه من المشايخ، كالعراقي والبُلْقِيني والدِّجَوِي وإسماعيل الحنفي، وغيرهم.
وفي آخر الأمر، ادَّعَى أن الفخر ابن البخاري أجاز له، وصار يتتبَّع ما كان خَرَّجه عنه بواسطة، فيَكْشِط الواسطة، ويكتب فوق الكَشْط:"أنبأنا"، قال شيخنا العراقي: ذكرت دعواه في مولده، وفي إجازة الفَخْر له للشيخ تقي الدين السُّبْكي، فأنكر ذلك وقال: إنه عَرَض عليه "كفاية المتحفِّظ" في سنة خمس عشرة، وهو أمرد بغير لحية.
قال العراقي: وأقدم ما وجدتُ له من السماع سنة سبع عشرة بخط من يوثق به، وادَّعى هو السماع قبل ذلك بزمان، فتكُلِّم فيه لذلك، قال: وسألته عن أول سماعه فقال: رحلتُ قبل السبع مئة إلى الشام، فقلت: هل سمعتَ بها شيئًا؟ قال: سمعتُ شعرًا.