نعم رجَّح الدكتور محمد عبد الهادي أبو رِيْدَة في كتابه "إبراهيم بن سيّار النظّام وآراؤه الكلامية الفلسفية" ص ٣ - ٦ أن يكون مولدُه في حدود سنة ١٦٠، فلو صحّ هذا لكان النظّام عند وفاة أبي يوسف ابنَ نحو ٢٠ سنة، فمن الممكن عقلًا أنه كان وقتئذٍ ببغداد -علمًا أن النطام بَصْرِيّ- وأدرك دفن أبي يوسف (؟) فقال تلك الأبيات الفاجرة، ولكن شاهدَ العادة يُكذّب الخَبَرَ. فإنّ أبا يوسف إمام من أئمة الدين، وقاضي قضاةِ المسلمين، قاضي الخليفة هارون الرشيد، ولمّا أخرجت جنازته جعل الناس يقولون: مات الفقه، مات الفقه. كما رواه الإمام الطحاوي بسنده، فلو أن النطام -وهو حَدَث بعدُ- خالَفَ الناسَ وهجا قاضي الخليفة هارون الرشيد، قاضي قُضاة المسلمين في عاصمة الخلافة قائمًا على قبرِه، من غير أن يَعتَبِرَ من ذلك الموقف الرهيب الذي يَحُضُّ الناسَ على أن يفكّروا في أمرِهم وفيما قدّموا لغَدِهم، وأنهم يومًا صائرون إلى هذا المصير: لما تركه الناس يَهرِفُ بهذا الهُراء، بل نالوه بالتأديب والقَمْع، ورفعُوا أمره إلى الخليفة وعُزِّر تعزيرًا عنيفًا. فهذا مما يؤكّدُ وَهْنَ الخَبَر ووَهَاءَه زيادةً إلى انقطاعه، والحافظ ابنُ حجر رحمه الله تعالى غَفَل من جميع عِلَّاتِ الخَبَر وأدخله في كتابه، وجعله خاتمةً لترجمة إمام من أئمة المسلمين، فبئست الخاتمة هي!! وليس من شأن ابن حجر حَشْدُ كلِّ تالفٍ ومنكَرِ من القول بدون نقده، فانظر ترجمة كلّ من أحمد بن طارق الكَرَكي، ورِزْقِ الله بن الأسود، وعثمان بن أحمد الدقّاقِ أبي عَمْرو بنِ السَّمَّاك، وعلي بن صالح الأنماطي، ومحمد بن إسماعيل بن سعد بن أبي وقاص، وغيرِهم، تراه ينتقدُ على أمور هيِّنة جدًّا نظرًا إلى ما ساقه هنا عن مثل النطام في قاضي قضاة المسلمين في تلك العصور الزّاهرة، فهل السكوتُ هنا عن إنكار هذا الخبر المنكر الباطل لكون المُتَرْجَم حنفيًّا؟ الله أعلم. وأين صنيعُه هذا من عمل شيخ شيوخه الحافِظ الذهبي الذي شهِدَ له هو بأنه =