للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في جوابه عن ترك أكل اللحم: قالوا: إن كان ربُّنا لا يريد إلَّا الخير، فالشر لا يخلو من أمرين: إما أن يكون عَلِمَهُ أَوْ لا، وعلى الأوَّل فإن كان يريده فيجب أن يُنْسَب الفعل إليه، وإن كان بغير إرادته جازَ عليه ما لا يجوز على أصغر الأمراء، لأنه لا يَرْضى أن يُفْعَل في ولايته ما لا يريد، وهذه عُقْدَةٌ قد اجتهد المتكلِّمون في حلِّها فأَعْوَزَهم.

وقال في هذه الرسالة: إنه لما بلغ ثلاثين عامًا، سأل رَبَّه أن يَرْزُقه صومَ الدهر ففعل، وظن أن اقتناعَه بالنَّبات يُثْبِت له جميلَ العاقبة، ثم قال: والذي حثَّني على ذلك، أن لي في السَّنَةِ نَيِّفًا وعِشرين دِينارًا، فإذا أخذ خادمي نصفَه، بقي لي ما لا يَفِي، إلى أن قال: ولستُ أريد في رزقي زيادة، ولا أُوْثر لسُقْمِي عِيَادة.

ومات في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربع مئة، ومن شعره المُؤْذِن بانحلاله في كتابه "لُزُوم ما لا يَلْزَم":

قِرانُ المُشْتَري زُحَلًا يُرَجَّى … لإِيقاظ النَّواظِرِ من كَرَاها

تقضَّى الناسُ جِيلًا بعد جِيْلٍ … وخُلِّفت النجومُ كما تَرَاها

تقدَّم صاحبُ التَّوراة مُوسَى … وأُوْقِعَ بالخَسَارِ من اقتراها

فقال رجالُه: وَحْيٌ أتاهُ … وقال الآخَرون: بل افْتَرَاها

وما حَجِّي إلى أحجارِ بَيْتٍ … كُؤُوسُ الخَمْرِ تُشْرَب في ذُرَاها

إذا رَجَع الحكيمُ إلى حِجَاهُ … تهاوَنَ بالشَّرائع وازْدَرَاها

ومنه:

وإنما حُمِّل التَّوراةَ قارِئَها … كَسْبَ الفوائد لا حُبَّ التِّلاواتِ

وهل أُبيحت نساءُ الرُّوم عن عُرُضٍ … للعُرْبِ إلَّا بأحكام النُّبُوَّاتِ؟!

ومنه:

أتَى عيسى فبطَّلَ شَرع موسى … وجاءَ محمدٌ بصلاةِ خَمْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>