التِّبريزي، وغالبُ بن عيسى الأنصاري، والخليلُ بن عبد الجبار القَزْويني، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر وآخرون.
وقال ابن الجوزي: حُدِّثْتُ عن أبي زكريا التِّبْريزي قال: قال لي المَعَرّيُّ مرة: ما الذي تعتَقِد؟ قال: فقلت: اليومَ يظهر ما يُخْفِيه، فقلت له: ما أنا إلَّا شاكٌّ، قال: وهكذا شيخُك.
وقال أبو يوسف عبد السلام القَزْويني: اجتمعت به مرة فقال لي: لم أَهْجُ أحدًا قط، قال: فقلت له: صَدَقْتَ إلَّا الأنبياءَ، فتغير وجهُه.
وقال التِّبْرِيزي: لما مات أَنْشَد على قبره أربعةٌ وثمانون شاعرًا بمراثي فيه، من جُمْلتها لعليّ بن هَمَّام:
إن كنتَ لم تُرِقِ الدِّماءَ زهادةً … فلقد أَرَقْتَ اليوم من جَفْنِي دَمَا
وقال هلال بن الصابئ في "تاريخه": بقي خمسًا وأربعين سنة لا يأكلُ اللحم، ولا البيض، ولا اللَّبَن، ويقتصر على ما تُنْبِت الأرض، ويلبس خَشِن الثياب، ويُديم الصوم. قال: ولقيه رجل فقال: ما لك لا تأكل اللحم؟ قال: أَرْحَم الحيوان، قال: فما تقول في السِّباع التي لا غِذاء لها إلَّا الحيوان؟ فإن كان ذلك من جهة الخالق، فما أنت بأرأفَ منه، وإن كان من جهة الطبيعةِ فما أنت بأحذَقَ منها ولا أتقَنَ عملًا.
قلت: ومعنى هذا الكلام دارَ بين المعرِّي وبين أبي نصر بن أبي عمران الإِماميّ، وكان الداعيَ إلى مذهب الفاطميين، فراسل المعريَّ يسأله عن سبب تركه اللحمَ، فأجابه بما ذَكَر من الرأفة، فردَّ عليه بنحو ذلك.
وقد طالعتُ ما دار بينهما، واستفدت منه فيما يتعلَّق بترجَمة المعري، أنه ذَكَر عن نفسه قال: قُضِي علي وأنا ابنُ أربع لا أُفرِّقُ بين البازِل والرُّبَع، قال: ومُنِيت في آخِر عمري بالإِقعاد، وحَكَم اللّه عليَّ بالإِزهاد، فصِرتُ من العِدا في جِهاد.