أيدينا كتبًا كثيرة، فنزع ابنُ عقدة سَرَاويله، وملأه منها سِرًّا من الشيخ ومِنَّا، فلما خرجنا قلنا: ما هذا الذي تحمله؟ فقال: دعونا من وَرَعِكم هذا. قال: وسمعت عَبْدانَ يقول: ابن عُقْدة قد خرج عن معاني أصحاب الحديث، فلا يُذكَرُ معهم.
وقال حمزة السَّهمي: ما يَتَّهم مثلَ أبي العباس بالوضع إلَّا طَبْلٌ. قال حمزة عن الدارقطني: أشهَدُ أن مَنْ اتَّهمه بالوضع فقد كَذَب.
قلت: ومما يدل على سَعَة حفظه ونُبْله، ما رواه صالح بن أحمدَ الحافظ في "تاريخه" قال: سمعت أبا عبد الله الزَّعفراني يقول: رَوَى ابنُ صاعد ببغداد في أيامه حديثًا أخطأ في إسناده، فأنكره عليه ابنُ عُقدة، فخرج عليه أصحابُ ابن صاعد وارتفعوا إلى الوزير علي بن عيسى، فحُبِس ابنُ عُقدة، ثم قال الوزير: مَنْ يُرْجَع إليه في هذا؟ فقالوا: ابنُ أبي حاتم، فكتبوا إليه في ذلك، فنظر وتأمَّل، فإذا الصوابُ مع ابن عُقْدة، فكتب إلى الوزير بذلك، فأَطلَقَ ابنَ عقدة وعَظَّم شأنه.
وقال مَسلمة بن قاسم: لم يكن في عصره أحفظُ منه، وكان يُزَنُّ بالتشيع والناسُ يختلفون في أمانته، فمِنْ راضٍ، ومِنْ متسخّط به.
وقال أبو ذَرّ الهروي: كان ابنُ عقدة رَجُلَ سوء.
وقال ابن الهَرَوَاني: أراد الحَضْرَميُّ أبو جعفر يعني مُطَيَّنًا أن يَنْشُر أن ابن عقدة كذاب، ويصنِّف في ذلك، فتُوفي ﵀ قبل أن يَفْعَل (١).
(١) جاء في حاشية ص بخط كاتبه ما نصه: "قال ابن عبد الهادي في "التنقيح" حين ساق حديث فاطمة بنت قيس: "أن النبي ﷺ لم يجعل لها سُكنى ولا نَفَقة. فقال عمر: لا ندع كتاب ربِّنا وسنّةَ نَبيِّنا لقول امرأة، لا ندري أصدقت أم كذبت؟ ": أحمد بن محمد بن سعيد هو أبو العباس بن عُقدة، وكان مجمع الغرائب والمناكير. انتهى.=