للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان مع اعتزاله شافعيَّ المذهب؛ شيعيَّ النِّحْلَة، ويقال: إنه نال من البخاري؟! وقال: كان حَشَويًا لا يُعوَّلُ عليه. وكان يُبْغِض مَنْ يميل إلى الفلسفة، ولذلك أَقصَى أبا حيانَ التَّوحيديَّ، فحمله ذلك على أن جَمَع مصنَّفًا في مثالبه أكثرُه مختلق.

وقد ذكره في كتاب "الإِمتاع" له فقال: كان ابنُ عَبَّادٍ كثير المحفوظ، حاضرَ الجواب، فصيحَ اللسان، قد أخذ من كل فن طَرَفًا، والغالب عليه طريقةُ أهل الكلام من المعتزلة، ولا حظَّ له في أجزاء الحكمة، كالهندسة والطب والنجوم والموسيقى والمنطق، وأما الجزء الإِلهي، فلا عينَ ولا أَثَر، قال: وشِعْرُه ليس بذاك، وكان يتشيَّع لِمَذْهَب (١) أبي حنيفة، ومقالةِ الزَّيدية، وذَكَرَ فيه صفاتٍ ردية من الحقد والحسد ونحو ذلك، وهذا ينافي أنه كان شافعيًّا.

قال ابن النجَّار: مات سنة ٣٨٥ في صفر، وكان ولد سنة ٣٢٦ في ذي القعدة.

ذكر أبو حيان: أن رجلًا من أهل سَمَرْقَنْد ناظره، فقال له ابن عَبَّاد: ما تقولُ في القرآن؟ فقال: إن كان مخلوقًا كما تزعُم فماذا ينفعُك؟ وإن كان غير مخلوق كما يزعم خصمُك فماذا يضرُّك؟ فقال: أنت لم تخرج من خُراسان، فنهض الرجل وكان لَيْلًا فقال له: إلى أينَ، بِتْ ها هنا؟ قال: أنا لم أخرج من خُراسانَ، فكيف أبيت بالرَّيِّ.

قال أبو حيَّان: كان ابن عَبَّادٍ يضعُ أحاديثَ من الفُحْش على بني ثَوَابة، ويَرْويها عنهم.

قلت: وقد طعن ياقوتُ في "معجم الأدباء" على أبي حيان وقال: أظن الرسالةَ من وَضْعِهِ كعادته.


(١) في ص: "بمذهب" والمثبت من "الإِمتاع والمؤانسة" ١: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>