للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وهذا أيضًا ينافي ما تقدم في أول الترجمة، أنه كان شافعيَّ المذهب (١).

قال أبو حيان: وقيل له: لو كان القرآن مخلوقًا، لجاز أن يموتَ، وإذا مات بأيّ شيء نُصَلِّي التراويح؟ قال: إذا ماتَ القرآن في آخِرِ شعبان، مات رمضانُ أيضًا.

قال: وقال ابنُ عَبَّاد في الخلوة، وقد جرى حديثُ المذهب: كيف أترك هذا المذهبَ، يعني الاعتزالَ، وقد نَصَرْتُه، وأشهَرْتُ نفسي به، وعاديتُ الصغير والكبير عليه، وانقضى عُمري فيه؟

وقال أبو حيان للمأموني: اصدُقْني عن ابنِ عَبَّاد، قال: لا دينَ له لفِسْقِهِ في العَمَل وكَذِبه في العلم.

قال: وسمعت أبا الفتحِ بنَ العَمِيد يقول: خرج ابنُ عَبَّاد من عندنا، يعني من الرَّي إلى أصفهان، فجاوز رامِيْنَ، وهي منزلةٌ عامرةٌ إلى قريةٍ خرابٍ على ماءٍ مَلح، لا لشيء، إلَّا ليكتب إلينا: كِتابي من النُّوْبَهَار، يومَ السبتِ نصفَ النهار. قال: وهذا في غاية الحَمَاقة.

قال وقلت: لأبي السَّلْمِ: كيف رأيت ابنَ عَبَّاد؟ قال: رأيت الداخل ساقطًا، والخارجَ ساخِطًا، فقيل له: أخذت هذا من أين؟ قال: من قول شبيبٍ في دار المهدي: رأيتُ الداخلَ راجيًا، والخارجَ راضِيًا.

قال: وكان لابن عَبَّادٍ قومٌ يُسميهم الدُّعاة، يأمرهم بالتردُّد إلى الأسواق، وتحسين الاعتزال للبَقَّال والعطَّار والخبَّاز، ونحو ذلك.

وذكره الرافعي في كتاب "التدوين في عُلماء قَزْوِين" فقال: هو أشهر


(١) ظاهر كلام ابن عَبَّاد هنا أنه كان شافعيًّا، لقوله عن أبي حامد: "كان على مذهب أصحابنا"، فتأمَّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>