للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا بيتٌ من جملة أبياتٍ قالها متغزِّلًا في عُتْبَة جاريةِ المهدي. وله فيها أشعارٌ كثيرة، وأخبارُه معها مشهورة.

وكان في أول أمره يتشطَّر، ثم تشاغل بالشعر، ومَدَح المهديَّ والرشيد، ثم تزهَّد وتاب عن نظم الشعر، وشعرُهُ سائر، مات في خلافة المأمون.

وقد جَمَع أبو عُمر بن عبد البرّ "زُهْدياتِ" أبي العتاهية في مجلد كبير.

وذكر المسعودي في "المروج" له ترجمةَ حاصلها: أنه كان في أول أمره يبيع الخزفَ، ثم نظم الشعر ومدح المهدي فأعجبه، وصار يتغزَّل في جاريةٍ من قصر المهدي اسمها عُتْبَة، وذَكَر نحوَ ما تقدم.

وأنشد له أشعارًا كثيرة، منها ما لا يَدخل في العَرُوض، وذَكَر عنه أنه كان يقول: أنا أكبرُ من العَرُوْض، بمعنى أنه نَظَم الشعر قبل أن يصنِّف الخليلُ كتابَ "العَرُوْض".

وقال ابن الجوزي في "المنتظم": إسماعيل بن القاسم بن سُوَيد بن كَيْسان، أبو إسحاق، العَنَزِي، المعروف بأبي العتاهية، وُلِد في سنة ثلاثين ومئة، وأصلُه من عَيْن التَّمر، ونشأ بالكوفة، ثم سكن بغداد، وعمل الشعر في المدح والهجاءِ والغزل، ثم تنسك وصار يقول في الوعظ والزهد.

ثم ذَكَر قصتَه مع عُتبة مطولةً، وذَكَر أنه أنشد المهدي قصيدةً مدحه بها بحضرة الشعراء، ومن جملتهم بَشَّار، فافتتحها بالتغزُّل في عتبة (١)، فقال بشار: أرأيتم أجْسَرَ من هذا، يُنْشِد مثل هذا في هذا الموضع؟ فلما بلغ إلى قوله:

أتَتْهُ الخِلافةُ مُنْقادَةً … إليه تُجَرِّرُ أذيالَهَا

فلم تكُ تصلحُ إلَّا له … ولم يك يَصْلُح إلَّا لها


(١) في ط: ذكر البيت المفتتح به، وهو:
ألا مَا لِسَيِّدَتي ما لَهَا … أدَلَّتْ فأحمِلُ إدلالَها

<<  <  ج: ص:  >  >>