الثالث: تراجم جديدة مستقلة مستدركة على "الميزان" و "ذيله" للعراقي، صاغها الحافظ بنَفْسِه وخطَّها بقلمه، ونَفَسُه فيها مختلف عن نفَس الحافظ الذهبي، وذلك جليٌ لمن أكثر القراءة لهما حتى ارتوى من مَعِيْنِهما، فإنه يميّز عندئذ عباراتهما وأساليبهما بعضها من بعض.
ورمْزُ هذه التراجم في قسم الأسماء (ز)، وأما في قسم الكنى والمبهمات فعلامتها خلوُّها من الرمز، كما تقدم في المبحث السابق.
وقد وضح الحافظ هذه الأنواع الثلاثة من الزيادات، بقوله في المقدمة (١): "ثم إني زدتُ في الكتاب جملة كثيرة، فما زدته عليه من التراجم المستقلّة جعلتُ قُبالته أو فوقه (ز). ثم وقفت على مجلَّد لطيف لشيخنا حافظ الوقت أبي الفضل بن الحسين جعله ذيلًا على "الميزان"، فعلَّمت على ما ذكره شيخنا في هذا "الذيل" صورة (ذ) إشارة إلى أنه من "الذيل" لشيخنا. وما زدته في أثناء ترجمةٍ ختمتُ كلامه - أي الذهبي - بقولي:(انتهى) وما بعدها فهو كلامي". اهـ.
وقد ظهرت براعة الحافظ وسعة حفظه واطلاعه في القسمين الأول والثالث، أكثر من الثاني، فإنك إذا قرأت بعض تراجم "الميزان" ظننت لأول وهلة ألا زيادة عليها، ثم إذا قرأت زيادة الحافظ ابن حجر أو تعقُّبه تغيّرت نظرتك.
فالذهبي ﵀ فيما يبدو لي - لم يرد البسط والتوسع، وإنما أراد أن يكون كتابه "الميزان" وسطًا بين الاختصار والتطويل، ولذا وجد الحافظ ابن حجر طريقًا ممهدًا للتعقب والزيادة عليه ولا سيما فيما يتعلق بالجرح والتعديل اللذين عليهما مدار الكتابين.
فقد فات الحافظَ الذهبي في تراجم عديدة أقوالٌ مهمةٌ للنقاد في المترجم، استدركها عليه الحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى، وهذا أمرٌ جليٌّ لا يحتاج لبيان، فالكتاب فائض بأمثلة ذلك.