وهذان القولان شبيهان بأقوال المعتزلة حيث ينفون وجود الخارق على غير النبي، إلا إن كان ذلك في زمان نبي، فيكون ذلك معجزة لذلك النبي.
والظاهر أنها كرامة خص الله بها مريم، ولو كان خارقاً لأجل زكريا لم يسأل عنه زكريا، وأما كون ذلك لأجل نبوة عيسى، فهو كان لم يخلق بعد.
قال الزجاج: وهذا الخارق من الآية التي قال تعالى (وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ).
(إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي: بغير مكافأة ومن غير تعب ولا جد.
• وهذا يحتمل أن يكون من جملة كلام مريم، وأن يكون من كلام الله سبحانه وتعالى، وقوله (بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي بغير تقدير لكثرته، أو من غير مسألة سألها على سبيل يناسب حصولها، وهذا كقوله (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
ورجح الطبري أنه من كلام الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال:(إنّ الله يَرْزُقُ مَن يشاء بغير حساب) فخبرٌ من الله أنه يسوق إلى من يشاء من خلقه رزقَه، بغير إحصاء ولا عدد يحاسب عليه عبدَه. لأنه جل ثناؤه لا ينقصُ سَوْقُه ذلك إليه كذلك خزائنَه، ولا يزيدُ إعطاؤه إياه، ومحاسَبته عليه في مُلكه، وفيما لديه شيئًا، ولا يعزب عنه علمُ ما يرزقه، وإنما يُحاسب مَنْ يعطي مَا يعطيه، مَنْ يخشى النقصانَ من ملكه، ودخولَ النفاد عليه بخروج ما خرج من عنده بغير حساب معروف، ومن كان جاهلا بما يعطى على غير حساب.