للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)). [النساء: ٩٧ - ٩٩].

(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ) أي: تقبض أرواحهم.

• قال الشنقيطي: أَسْنَدَ هُنَا - جَلَّ وَعَلَا - التَّوَفِّيَ لِلْمَلَائِكَةِ فِي قَوْلِهِ (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ) وَأَسْنَدَهُ فِي (السَّجْدَةِ)، لِمَلَكِ الْمَوْتِ فِي قَوْلِهِ (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ)، وَأَسْنَدَهُ فِي (الزُّمَرِ) إِلَى نَفْسِهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي قَوْلِهِ (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا (دَفْعَ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ) فِي سُورَةِ «السَّجْدَةِ»: أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِسْنَادُهُ التَّوَفِّي لِنَفْسِهِ; لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا)، وَأَسْنَدَهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ، وَأَسْنَدَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ; لِأَنَّ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَانًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَنْزِعُونَ الرُّوحَ مِنَ الْجَسَدِ إِلَى الْحُلْقُومِ فَيَأْخُذُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

(ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) أي: بترك الهجرة.

• قال القرطبي: المراد بها جماعة من أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي -صلى الله عليه وسلم- الايمان به، فلما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا، فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار، فنزلت الآية. وقيل: إنهم لما استحقروا عدد المسلمين دخلهم شك في دينهم فارتدوا فقتلوا على الردة، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا على الخروج فاستغفروا لهم، فنزلت الآية. والأول أصح.

(قَالُواْ) أي: الملائكة.

(فِيمَ كُنتُمْ) أي: لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة؟

(قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ) أي: لا نقدر على الخروج من البلد، ولا الذهاب في الأرض.

(قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا) هذا الاستفهام للتوبيخ والتقرير، يعني: أرض الله واسعة، فلماذا لا تهاجروا؟

• والهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.

(فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ) أي: مصيرهم.

(جَهَنَّمُ) أي: النار.

(وَسَاءتْ مَصِيرًا) أي: ساءت مرداً ومرجعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>