• وقال الرازي: أنهم إنما عبدوا العجل من بعد أن شاهدوا معجزات موسى عليه السلام التي كان يظهرها في زمان فرعون، وهي العصا واليد البيضاء وفلق البحر وغيرها من المعجزات القاهرة، والمقصود من ذلك الكلام أن هؤلاء يطلبون منك يا محمد أن تنزل عليهم كتاباً من السماء، فاعلم يا محمد أنهم لا يطلبونه منك إلاّ عناداً ولجاجاً، فإن موسى قد أنزل الله عليه هذا الكتاب وأنزل عليه سائر المعجزات القاهرة، ثم أنهم طلبوا الرؤية على سبيل العناد وأقبلوا على عبادة العجل، وكل ذلك يدل على أنهم مجبولون على اللجاج والعناد والبعد عن طريق الحق.
(فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ) أى: عفونا عن اتخاذهم العجل إلها بعد أن تابوا وأقلعوا عن عبادته، لأن التوبة تجب ما قبلها.
أمروا بالتوبة فتاوبوا، لكنها توبة شديدة قال تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
(وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً.) الحجّة البيّنة، قال ابن عباس: اليد والعصا، وقال غيره: الآيات التسع.
• قال ابن عاشور: أي حجّة واضحة عليهم في تمرّدهم، فصار يزجرهم ويؤنّبهم، ومن سلطانه المبين أن أحرق لهم العجل الذي اتّخذوه إلهاً.
• وقال الشوكاني: قوله تعالى (وآتينا موسى سلطاناً مبيناً) أي: حجة بينة وهي: الآيات التي جاء بها، وسميت سلطاناً؛ لأن من جهر بها قهر خصمه، ومن ذلك أمر الله سبحانه له بأن يأمرهم بقتل أنفسهم توبة عن معصيتهم، فإنه من جملة السلطان الذي قهرهم به.
[الفوائد]
١ - تعنت أهل الكتاب.
٢ - تسلية للرسول -صلى الله عليه وسلم-.
٣ - أن سؤال الإنسان أن يرى الله جهرة من أكبر العدوان.