(وَالْقَانِتِينَ) المراد بالقنوت هنا: دوام الطاعة مع الخشوع والخضوع لله تعالى، بحيث يكون الإنسان مديماً لطاعة الله مقبلاً على الله تعالى في طاعته.
(وَالْمُنْفِقِينَ) أي: من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات، وصلة الأرحام والقرابات، وسد الخَلات، ومواساة ذوي الحاجات.
(وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار.
والاستغفار مندوبٌ إليه، وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين في هذه الآية وغيرها فقال (وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
• قال القرطبي: وخص السّحَر بالذكر لأنه مظانّ القبول ووقت إجابة الدعاء.
عن أبي هريرة عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال (ينزِل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأوّل فيقول أنا المِلك أنا المِلك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفِر له فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر) متفق عليه.
[فهم يستغفرون في هذا الوقت]
أولاً: لأنه وقت النزول الإلهي.
ثانياً: لأن المشروع للمسلم بعد العبادة أن يستغفر الله.
قال ابن القيم: أرباب البصائر أشد ما يكونون استغفاراً عقيب الطاعات؟ لشهودهم تقصيرهم فيها، وترْك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه.
ولهذا يشرع بعد العبادات الاستغفار.
أمر الله وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجل المواقف وأفضلها، فقال (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وقال تعالى (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ).
وفي الصحيح (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثاً … ).
وأمره بالاستغفار بعد أداء الرسالة، واقتراب أجله، فقال في آخر سورة أنزلت عليه (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً).