(مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) قال ابن كثير: أي: يا من ليس همه إلا الدنيا، اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة، وإذا سألته من هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك كما قال تعالى (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
• قال القرطبي:(مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ) أي: من عمل بما افترضه الله عليه طلباً للآخرة أتاه الله ذلك في الآخرة، ومن عمل طلباً للدنيا أتاه بما كتب له في الدنيا وليس له في الآخرة من ثواب؛ لأنه عمل لغير الله كما قال تعالى (وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ) وقال تعالى (أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار) وهذا على أن يكون المراد بالآية المنافقون والكفار، وهو اختيار الطبري.
واختار ابن كثير المعنى الأول وقال: … فإن قوله (فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) ظاهر في حضور الخير في الدنيا والآخرة، أي: بيده هذا وهذا، فلا يقْتَصِرَنَّ قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط، بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع، وهو الله الذي لا إله إلا هو، الذي قد قسم السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة بين الناس، وعدل بينهم فيما علمه فيهم، ممن يستحق هذا، وممن يستحق هذا؛ ولهذا قال (وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).
• قال أبو حيان: والذي يظهر أنّ جواب الشرط محذوف لدلالة المعنى عليه، والتقدير: من كان يريد ثواب الدنيا فلا يقتصر عليه، وليطلب الثوابين، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة.