للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)). [البقرة: ١٧٧].

(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) لما أمر الله تعالى المؤمنين أولاً بالتوجه إلى بيت المقدس، ثم حولهم إلى الكعبة، شق ذلك على نفوس طائفة من أهل الكتاب وبعض المسلمين، فأنزل الله تعالى بيان حكمته في ذلك، وهو أن المراد إنما هو طاعة الله عز وجل، وامتثال أوامره، والتوجه حيثما وجه، واتباع ما شرع، فهذا هو البر والتقوى والإيمان الكامل، وليس في لزوم التوجه إلى جهة المشرق أو المغرب بر ولا طاعة إن لم يكن عن أمر الله وشرعه، ولهذا قال (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ … ) وقال الثوري: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ … ) قال: هذه أنواع البر كلها. قال ابن كثير: وصدق رحمه الله، فإن من اتصف بهذه الآية، فقد دخل في عرى الإسلام كلها وأخذ بمجامع الخير كله.

• البر اسم جامع للطاعات، وأعمال الخير المقربة إلى الله تعالى.

(مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بوجود الله تعالى.

وقد دل على وجوده: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.

أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه.

وأما دلالة العقل على وجوده تعالى: فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها، لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.

وأما دلالة الحس على وجود الله: فإننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال تعالى: (وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ).

الثاني: الإيمان بربوبيته.

أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.

الثالث: الإيمان بألوهيته.

أي بأنه وحده الإله لا شريك له.

الرابع: الإيمان بأسمائه وصفاته.

أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

(وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ويشمل الإيمان بجميع ما يكون بعد الموت.

(وَالْمَلائِكَةِ) الملائكة: عالم غيبي مخلوقون، عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الروبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعالى من نور، ومنحهم الانقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>