[الفوائد]
١ - ما يعطاه الإنسان من صحة وسعة رزق ومال ليس دليلاً على رضا الله عنه.
قال تعالى (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ).
وقال تعالى (فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ).
وجاء في الحديث قال -صلى الله عليه وسلم- (إذا رأيتَ الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج) ثم تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُون).
٢ - ألا يغترَّ المؤمنُ بحال هؤلاء الكفار وما هم فيه من النِّعمة والغبطة والسرور، فهو متاع زائل يعقبه عذاب أبدي سرمدي.
قال تعالى (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ).
وقال تعالى (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُون).
٣ - الحذر من الوقوع في هذه الفتنة، والفتن من أراد أن يسلم منها فعليه أن يهرب منها.
عن عِمْرَان بْن حُصَيْن. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ، أَوْ لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ) رواه أبو داود.
وعن أبي بَكْرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي فِيهَا وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْهَا أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ) رواه مسلم.
قال النووي: قوله (الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي فِيهَا … ) فَمَعْنَاهُ بَيَان عَظِيم خَطَرهَا. وَالْحَثّ عَلَى تَجَنُّبهَا وَالْهَرَب مِنْهَا، وَمِنْ التَّشَبُّث فِي شَيْء، وَأَنَّ شَرّهَا وَفِتْنَتهَا يَكُون عَلَى حَسَب التَّعَلُّق بِهَا.
قال ابن القيم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (من سمع بالدجال فلينأ عنه) فما استعين على التخلص من الشر بمثل البعد عن أسبابه ومظانه، وههنا لطيفة للشيطان لا يتخلص منها إلا حاذق، وهي أن يظهر له في مظان الشر بعض شيء من الخير ويدعوه إلى تحصيله، فإذا قرب منه ألقاه في الشبكة.
وقال ابن الجوزي: من قارب الفتنة بعدت عنه السلامة، ومن ادّعى الصبر وُكِل إلى نفسه.
٤ - أن إمهال الله لهؤلاء الكفار وتتابُع النعم والخيرات لهم، إنما هو زيادة لهم في عذاب الآخرة.
قال تعالى (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين).
وقال تعالى (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون).
٥ - أنَّ ما يعطيه الله للكفَّار مِن نعَم الدنيا، إنما ذلك لهوان الدُّنيا عنده وحقارتها، وابتلاء لهم وفتنة.
كما قال تعالى (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُون).
٦ - الترغيب في الآخرة والزهد في الدنيا.
[الأحد: ١٩/ ١٢/ ١٤٣٣ هـ].