للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً (١٦٦)) [النساء: ١٦٦].

(لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ) قال ابن كثير: لما تضمن قوله تعالى (إنا أوحينا .. ) إلى آخر السياق إثبات نبوته -صلى الله عليه وسلم- والرد على من أنكر نبوته من المشركين وأهل الكتاب قال الله تعالى (لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ) أي: وإن كفر به من كفر به ممن كذبك وخالفك، فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزله عليه الكتاب، وهو القرآن العظيم الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

• قال القرطبي (لكن الله يَشْهَدُ) في الكلام حذف دل عليه الكلام؛ كأنّ الكفار قالوا: ما نشهد لك يا محمد فيما تقول فمن يشهد لك؟ فنزل: لَكِن اللَّهُ يَشْهَدُ.

• وقال الشوكاني: وشهادة الله سبحانه هي: ما يصنعه من المعجزات الدالة على صحة النبوة، فإن وجود هذه المعجزات شهادة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- بصدق ما أخبر به من هذا، وغيره.

• وقد شهد الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة شهادة قولية، وفعلية.

أما الشهادة القولية: ففي قوله تعالى (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً).

وأما الشهادة الفعلية: فهي تمكينه من إبلاغ الرسالة ونصره على أعدائه، لأن الله لن ينصر أحداً على باطل نصراً مؤبداً أبداً.

• وفي هذا تسلية للرسول -صلى الله عليه وسلم-، والله تعالى يدافع عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-:

كما قال تعالى (يس والقرآن الحكيم. إنك لمن المرسلين).

وقال تعالى (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم).

وقال تعالى (ما أنت بنعمة ربك بمجنون).

(أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ) أي: فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه، من البينات والهدى والفرقان وما يحبه الله ويرضاه، وما يكرهه ويأباه، وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل، وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة التي لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا أن يُعلمه الله به كما قال تعالى (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء) وقال تعالى (ولا يحيطون به علماً).

• قال السعدي: يحتمل أن يكون المراد، أنزله مشتملاً على علمه، أي: فيه من العلوم الإلهية، والأحكام الشرعية، والأخبار الغيبية، ما هو من علم الله تعالى، الذي علم به عباده.

ورجحه ابن القيم حيث قال: أي: أنزله وفيه علمه الذي لا يعلمه البشر، فالباء للمصاحبة، وذلك من أعظم البراهين على صدق نبوة من جاء به.

ويحتمل: أن يكون المراد، أنزله صادراً عن علمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>