(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)). [البقرة: ٥٨ - ٥٩].
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ) أي: واذكروا يا بني إسرائيل إذا قلنا ادخلوا هذه القرية.
والقرية: المدينة، وسميت بذلك لأنها تقرت أي: اجتمعت، واختلف في تعيين هذه القرية:
فقال الجمهور: هي بيت المقدس، قال ابن كثير مرجحاً هذا القول: ولهذا كان أصح القولين أن هذه البلدة هي بيت المقدس كما نص على ذلك السدي والربيع بن أنس وقتادة وغير واحد، وقد قال الله تعالى حاكياً عن موسى (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا).
وقال آخرون: هي أريحاء، قال ابن كثير: وهذا بعيد، لأنها ليست على طريقهم وهم قاصدون بيت المقدس لا أريحاء.
• قال القرطبي: واختلف في تعيينها؛ فقال الجمهور: هي بيت المقدس، وهذه نعمة أخرى، وهي أنه أباح لهم دخول البلدة وأزال عنهم التِّيه.
وكان هذا بعد خروجهم من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه السلام، وفتحها الله عليهم، ولما فتحوها أمروا أن يدخلوا الباب سجداً.
• قال الشنقيطي: ولما زال عنهم التيه، ومات موسى وهارون، وكان الخليفة بعدهما يوشع بن نون، وجاءوا وجاهدوهم الجهاد المعروف الذي ردّ الله فيه الشمس ليوشع بن نون، وفتحوا البلد، أمرهم الله أن يشكروا هذه النعمة بقولٍ يقولونه، وفعلٍ يفعلونه، فبدلوا القول الذي قيل لهم بقول غيره، وبدلوا _ أيضاً - الفعل الذي قيل لهم بفعل غيره.
(فَكُلُوا مِنْهَا) أمر إباحة.
(حَيْثُ شِئْتُمْ) أي: في أي مكان كنتم في البلد.
(رَغَداً) أي: أكلاً رغداً أي: واسعاً لذيذاً لا عناء فيه ولا تعب.
ثم أمرهم الله بقول وفعل شكراً لنعمة الفتح وهو قوله:
(وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً) أي: أن يدخلوا باب القرية سجداً شكراً لله على النعمة.
قيل: المراد بالسجود هنا الركوع تواضعاً وانحناء وتعظيماً لله.
وقيل: هو السجود على الجبهة.
وقيل: المراد مطلق التواضع لكنه قول ضعيف.