• قوله تعالى (لا ينال عهدي … ) واختلف في المراد بالعهد:
فقيل: النبوة، وقيل: الإمامة في الدين، وروي عن قتادة في قوله (لا ينال عهدي الظالمين) قال: لا ينال عهد الله في الآخرة الظالمين، فأما في الدنيا فقد ناله الظالم فآمن به وأكل وعاش وأبصر، قال الزجاج: وهذا قول حسن.
• وقال ابن الجوزي: وفي العهد هاهنا سبعة أقوال:
أحدها: أنه الإمامة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير.
والثاني: أنه الطاعة، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: الرحمة، قاله عطاء وعكرمة.
والرابع: الدين، قاله أبو العالية.
والخامس: النبوة، قاله السدي عن أشياخه.
والسادس: الأمان، قاله أبو عبيدة. والسابع: الميثاق، قاله ابن قتيبة. والأول أصح.
• فإن قيل: أفما كان إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام عالماً بأن النبوة لا تليق بالظَّالمين؟
فالجواب: بلى، ولكن لم يعلم حال ذرّيته، فبيّن الله تعالى أن فيهم من هذا حاله، وأن النبوة إنما تحصل لمن ليس بظالم.
• صفات إبراهيم عليه السلام:
[الصفة الأولى: أمة.]
قال تعالى (إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً .. ).
قيل معناها هنا: الرجل الجامع لخصال الخير حتى يقوم مقام أمة من الناس، وهذا هو المقصود في حق إبراهيم، وهذه تدلنا على عظيم ما كان يتصف به إبراهيم من عبادة ودعوة وخلق.
وقيل أن المقصود بالأمة هنا: أي الإمام، أي قدوة يقتدى به في الخير، وممن قال به ابن جرير الطبري وابن كثير.
[الصفة الثانية: قانت.]
قال تعالى (إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً).
والقنوت: لزوم الطاعة مع الخضوع.
الصفة الثالثة: حنيفاً.
والحَنَف: الميل عن الضلال إلى الاستقامة، والحنيفُ: المائل والجنف: ضده.
والأحنف: مَنْ في رجله ميل سمي بذلك تفاؤلاً، وقيل لمجرد الميل.
قال ابن كثير: الحنيف: المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد.
وقد كان ذلك من إبراهيم حتى عُدَّ إمام الحنفاء الموحدين، قال تعالى: [ولَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ]، وقال: [ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ]، وهكذا فليكن أولياء الله.