وقيل: معنى (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ) أي: أنه يوجب عليهم عذاب النار، فسمى ما أكلوه (من الرشا وغيرها) ناراً لأنه يؤول بهم إليها، وما ذكره ابن كثير أقرب وأصح.
• وهذا الحكم وإن كان خاصاً فالاعتبار بعموم اللفظ، فهو يشمل كل من كتم ما شرعه الله، وأخذ عليه الرشا.
(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي: لا يكلمهم تكليم رضا، فالنفي هنا ليس نفياً لمطلق الكلام، وإلا فالله عز وجل يكلم الكفار ويوبخهم كما قال تعالى (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ. رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ. قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ).
• يوم القيامة، سمي بذلك:
أولاً: لأن الناس يقومون من قبورهم، قال تعالى (يوم يقوم الناس لرب العالمين).
ثانياً: ولقيام الأشهاد، لقوله تعالى (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
ثالثاً: ولقيام الملائكة، لقوله تعالى (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً … ).
(وَلا يُزَكِّيهِمْ) أي: لا يثني عليهم بخير.
(وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي: موجع، والعذاب هو: النكال والعقوبة.
(أُولَئِكَ) المشار إليهم (الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب).
(الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى) أي: (الَّذِينَ اشْتَرَوُا) أي: اختاروا واعتاضوا (الضَّلالَةَ) وهي هنا كتمان العلم، وهو تكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكتم صفته التي في كتبهم (بِالْهُدَى) وهو نشر ما في كتبهم من صفة الرسول وذكر مبعثه والبشارة به واتباعه وتصديقه.
• قال أبو حيان: وفي لفظ اشتروا إشعار بإيثارهم الضلالة والعذاب، لأن الإنسان لا يشتري إلا ما كان له فيه رغبة ومودة، واختيار وذلك يدل على نهاية الخسارة، وعدم النظر في العواقب.
• قال الشيخ ابن عثيمين: (اشتروا) بمعنى اختاروا، ولكنه عبر بهذا، لأن المشتري طالب راغب في السلعة، فكان هؤلاء - والعياذ بالله - طالبون راغبون في الضلالة بمنزلة المشتري.