(وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠)) [البقرة: ٦٠].
(وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ) أي واذكروا يا بني إسرائيل حين طلب موسى السقيا لقومه وقد عطشوا في التيه.
• قال الرازي: جمهور المفسرين أجمعوا على أن هذا الاستسقاء كان في التيه، لأن الله تعالى لما ظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وجعل ثيابهم بحيث لا تبلى ولا تتسخ خافوا العطش فأعطاهم الله الماء من ذلك الحجر.
• قال ابن عاشور: تذكير بنعمة أخرى جمعت ثلاث نعم وهي:
أ-الري من العطش، وتلك نعمة كبرى أشد من نعمة إعطاء الطعام ولذلك شاع التمثيل بري الظمآن في حصول المطلوب.
ب-وكون السقي في مظنة عدم تحصيله وتلك معجزة لموسى وكرامة لأمته لأن في ذلك فضلاً لهم.
ج-وكون العيون اثنتي عشرة ليستقل كل سبط بمشرب فلا يتدافعوا.
(فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ) أي: اضرب أي حجر كان تتفجر بقدرتنا العيون منه.
• قوله تعالى (بِعَصَاكَ الْحَجَرَ) قيل (أل) للعهد، أي اضرب عصاً معهوداً معيناً معروفاً عندهم، لكن الصحيح أنه حجر غير معين، والمراد أن يضرب أي حجر من غير تحديد.
• قال في التسهيل: قيل هو جنس غير معين، وذلك أبلغ في الإعجاز.
• وقال الشيخ ابن عثيمين: و (الحجر) المراد به الجنس، فيشمل أيّ حجر يكون، وهذا أبلغ من القول بأنه حجر معين.
وقال ابن الجوزي: واختلفوا في صفة الحجر على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كان حجراً مربعاً، والثاني: كان مثل رأس الثور، والثالث: مثل رأس الشاة.
• قال الرازي - رحمه الله - بعد ذكر بعض هذه الأقوال في صفة الحجر: واعلم أن السكوت عن أمثال هذه المباحث واجب، لأنه ليس فيها نص متواتر قاطع، ولا يتعلق بها عمل حتى يكتفي فيها بالظن المستفاد من أخبار الآحاد فالأولى تركها.
• وقال الآلوسي: بعد أن ذكر أكثر هذه الروايات في صفة الحجر: وظاهر أكثرها التعارض، ولا ينبئ على تعيين هذا الحجر أمر ديني والأسلم تفويض علمه إلى الله.