قال الرازي: قوله تعالى (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) فيه وجهان:
الأول: أن المعنى: الذين اتبعوا دين عيسى يكونون فوق الذين كفروا به، وهم اليهود بالقهر والسلطان والاستعلاء إلى يوم القيامة، فيكون ذلك إخباراً عن ذل اليهود وإنهم يكونون مقهورين إلى يوم القيامة، فأما الذين اتبعوا المسيح عليه السلام فهم الذين كانوا يؤمنون بأنه عبد الله ورسوله وأما بعد الإسلام فهم المسلمون، وأما النصارى فهم وإن أظهروا من أنفسهم موافقته فهم يخالفونه أشد المخالفة من حيث أن صريح العقل يشهد أنه عليه السلام ما كان يرضى بشيء مما يقوله هؤلاء الجهال، ومع ذلك فإنا نرى أن دولة النصارى في الدنيا أعظم وأقوى من أمر اليهود فلا نرى في طرف من أطراف الدنيا ملكاً يهودياً ولا بلدة مملوءة من اليهود بل يكونون أين كانوا بالذلة والمسكنة وأما النصارى فأمرهم بخلاف ذلك.
الثاني: المراد بالفوقية بالحجة والدليل.
(ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) أي: يوم القيامة.
• ويوم القيامة، سمي بذلك:
أولاً: لأن الناس يقومون من قبورهم: قال تعالى (يوم يقوم الناس لرب العالمين).
ثانياً: ولقيام الأشهاد. لقوله تعالى (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
ثالثاً: ولقيام الملائكة لقوله تعالى (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً … ).
(فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أي: فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر عيسى عليه السلام.
[الفوائد]
١ - إثبات القول لله تعالى.
٢ - أن الله رفع عيسى بجسمه.
٣ - أن الله منع الأذى عن عيسى.
٤ - طهارة عيسى من كل سوء.
٥ - أن كل من اتهم عيسى بالسوء فهو كافر.
٦ - أن أتباع عيسى منصورون إلى يوم القيامة.
٧ - إثبات يوم القيامة.
٨ - أن مرجع الخلائق إلى الله.