(قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا) أي: قد كان لكم يا معشر يهود عظة وعبرة في فئتين التقتا وذلك يوم بدر.
وهما: الفئة المسلمة: وهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-، والفئة الكافرة: وهم المشركون.
• قال القرطبي: لا خلاف أن الإشارة بهاتين الفئتين هي إلى يوم بَدْر.
• وقال الرازي: وأجمع المفسرون على أن المراد بالفئتين: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يوم بدر ومشركوا مكة.
• وقال القرطبي: واختلف من المخاطب بها؛ فقيل: يحتمل أن يخاطب بها المؤمنون، ويحتمل أن يخاطب بها جميع الكفار، ويحتمل أن يخاطب بها يهود المدينة؛ وبكل احتمال منها قد قال قوم.
وفائدة الخطاب للمؤمنين تثبيت النفوس وتشجيعها حتى يقدِموا على مثليْهم وأمثالهم كما قد وقع.
• قوله تعالى ( … لكم آية) قال الرازي: واعلم أن العلماء ذكروا في تفسير كون تلك الواقعة آية بينة وجوهاً:
الأول: أن المسلمين كان قد اجتمع فيهم من أسباب الضعف عن المقاومة أمور، منها: قلة العدد، ومنها: أنهم خرجوا غير قاصدين للحرب فلم يتأهبوا، ومنها: قلة السلاح والفرس، ومنها: أن ذلك ابتداء غارة في الحرب لأنها أول غزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان قد حصل للمشركين أضداد هذه المعاني منها: كثرة العدد، ومنها أنهم خرجوا متأهبين للحرب، ومنها: كثرة سلاحهم وخيلهم، ومنها: أن أولئك الأقوام كانوا ممارسين للمحاربة، والمقاتلة في الأزمنة الماضية، وإذا كان كذلك فلم تجر العادة أن مثل هؤلاء العدد في القلة والضعف وعدم السلاح وقلة المعرفة بأمر المحاربة يغلبون مثل ذلك الجمع الكثير مع كثرة سلاحهم وتأهبهم للمحاربة، ولما كان ذلك خارجاً عن العادة كان معجزاً.