للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)). [آل عمران: ١٠٢ - ١٠٣].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) أمر بتقوى الله حق تقاته.

عن ابن مسعود في قوله (اتقوا الله حق تقاته) قال: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.

وبهذا قال الربيع بن خُثيم وعمرو بن ميمون وطاووس والحسن وعكرمة وقتادة وغيرهم واختاره الطبري.

وقيل: (حق تقاته) أن يجاهدوا في الله حق الجهاد، وألا يأخذ العبد فيه لومة لائم، وأن يقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم، روي هذا القول عن ابن عباس.

• قال ابن عاشور: التقوى حاصلها امتثال الأمر، واجتناب المنهي عنه، في الأعمال الظَّاهرة، والنَّوايا الباطنة.

• وقال رحمه الله: انتقل مِن تحذير المخاطبين من الانخداع لوساوس بعض أهل الكتاب، إلى تحريضهم على تمام التَّقوى، لأنّ في ذلك زيادة صلاح لهم ورسوخاً لإيمانهم، وهو خطاب لأصحاب محمَّد -صلى الله عليه وسلم- ويَسري إلى جميع من يكون بعدهم.

وهذه الآية أصل عظيم من أصول الأخلاق الإسلامية.

• اختلف العلماء هل هذه الآية منسوخة أم لا على قولين:

القول الأول: أنها محكمة غير منسوخة.

واختار هذا الطبري، وابن تيمية، وابن عقيل، ورجحه ابن عطية، والقرطبي، والقاسمي، وابن عاشور.

قالوا إن قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) بيان وتفسير لقوله تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) والمعنى: فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم.

قال ابن تيمية: فإن الله يقول (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وهذا تفسير قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) قال ابن مسعود

وغيره: حق تقاته: أن يطاع فلا يُعصى، وأن يذكر فلا يُنسى، وأن يشكر فلا يكفر، أي: بحسب استطاعتكم، فإن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، قال تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).

وقال ابن عطية بعد ذكره هذا القول (وهذا القول هو الصحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>