• قال القرطبي: وتَمنِّي الموت يرجع من المسلمين إلى تَمنِّي الشهادة المبنية على الثبات والصبر على الجهاد، لا إلى قتل الكفار لهم؛ لأنه معصيةٌ وكفرٌ ولا يجوز إرادة المعصية، وعلى هذا يحمل سؤال المسلمين من الله أن يرزقهم الشهادة، فيسألون الصبر على الجهاد وإن أدّى إلى القتل.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) أي: من قبل أن تذوقوا شدته.
(فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) أي: بأعينكم حين قُتل من إخوانكم وشارفتم أن تقتلوا.
• قال ابن عاشور: ومعنى رؤيته مشاهدة أسبابه المحقّقة، الَّتي رؤيتها كمشاهدة الموت.
(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) هو تكرير بمعنى التأكيد لقوله (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) مثل (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ).
وقيل: معناه وأنتم بُصَرَاء ليس في أعينكم عِلَلٌ (كما) تقول: قد رأيت كذا وكذا وليس في عينيك عِلّة، أي فقد رأيته رؤية حقيقة؛ وهذا راجع إلى معنى التوكيد.
وقال بعضهم (وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ) إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وفي الآية إضمار، أي فقد رأيتموه وأنتم تنظرون فلِمَ انهزمتم؟
• قال القرطبي: وذلك أن كثيراً ممن لم يحضروا بدراً كانوا يتَمنَّون يوماً يكون فيه قِتال، فلما كان يوم أُحُد انهزموا، وكان منهم من تجلّد حتى قُتل، ومنهم أنس بن النضر عم أنس بن مالك، فإنه قال لما انكشف المسلمون: اللّهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، وباشر القتال وقال: إِيْهاً إنها ريح الجنة! إني لأجدها، ومضى حتى استشهد.