للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (١١٧)). [البقرة: ١١٦ - ١١٧]

(وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً) هذا إخبار عن النصارى عليهم لعائن الله، وكذا من أشبههم من اليهود ومن مشركي العرب ممن جعل الملائكة بنات الله.

قال الشنقيطي: هذا الولد المزعوم على زاعمه لعائن الله، قد جاء مفصلاً في آيات أخر، كقوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) وقوله (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ).

• فادعاء لله الولد أمر خطير وكبير.

كما قال تعالى (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً).

وقال تعالى (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً. تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً. وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً. إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً).

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاي فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاي فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَداً) رواه البخاري.

وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا أحد أصبر على اذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولداً، وهو يرزقهم ويعافيهم) متفق عليه.

(سُبْحَانَهُ) أي تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علواً كبيراً.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة: من أنه لما ذكر وصف الكفار له بما لا يليق به، نزه نفسه عن ذلك، معلماً خلقه في كتابه أن ينزهوه عن كل ما لا يليق به، جاء موضحاً في آيات كثيرة:

كقوله تعالى (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ).

وقوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ).

وقوله تعالى (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>