للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفوائد]

١ - أنه لا إله بحق إلا الله تعالى.

٢ - أن هذه الآية أعظم آية في كتاب الله تعالى.

وقد اختلف العلماء هل كلام الله يتفاضل أم لا على قولين:

القول الأول: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَتَفَاضَلُ فِي نَفْسِهِ.

لِأَنَّهُ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ صِفَةٌ لَهُ قَالُوا: وَصِفَةُ اللَّهِ لَا تَتَفَاضَلُ.

كَذَلِكَ قَالَ هَؤُلَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) قَالُوا فَخَيْرٍ إنَّمَا يَعُودُ إلَى غَيْرِ الْآيَةِ مِثْلَ نَفْعِ الْعِبَادِ وَثَوَابِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ.

وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ.

أ-قوله -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْفَاتِحَةِ (أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا الزَّبُورِ وَلَا الْقُرْآنِ مِثْلُهَا) فَنَفَى أَنْ يَكُونَ لَهَا مِثْلٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مُتَمَاثِلٌ؟

ب- وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ (أَنَّهُ قَالَ لأبي بْنِ كَعْبٍ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؛ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ؟ قَالَ (اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ لَهُ ليهنك الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ) فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَعْظَمُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَهَذَا بَيَّنَ أَنَّ بَعْضَ الْآيَاتِ أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ.

ج-وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَالْكَلَامُ يَشْرُفُ بِالْمُتَكَلِّمِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ خَبَرًا أَوْ أَمْرًا، فَالْخَبَرُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْمُخْبِرِ وَبِشَرَفِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَالْأَمْرُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْآمِرُ وَبِشَرَفِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَالْقُرْآنُ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ مُشْتَرِكًا فَإِنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ لَكِنَّ مِنْهُ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْهُ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ خَلْقِهِ وَمِنْهُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَمِنْهُ مَا أَمَرَهُمْ فِيهِ بِالْإِيمَانِ وَنَهَاهُمْ فِيهِ عَنْ الشِّرْكِ، وَمِنْهُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ بِكِتَابَةِ الدَّيْنِ وَنَهَاهُمْ فِيهِ عَنْ الرِّبَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أَعْظَمُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ خَلْقِهِ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) وَمَا أَمَرَ فِيهِ بِالْإِيمَانِ وَمَا نَهَى فِيهِ عَنْ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِمَّا أَمَرَ فِيهِ بِكِتَابَةِ الدَّيْنِ وَنَهَى فِيهِ عَنْ الرِّبَا. مجموع الفتاوى (١٧/ ٢١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>