(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)) [آل عمران: ١١٠].
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم فقال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).
عن أبي هريرة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال: خَيْرَ الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.
وهكذا قال ابن عباس، ومُجاهد، وعِكْرِمة، وعَطاء، والربيع بن أنس، وعطية العَوْفيّ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) يعني: خَيْرَ الناس للناس.
والمعنى: أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس؛ ولهذا قال (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
فوجه خيرية هذه الأمة لبقية الأمم أن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- تقاتل هذه الأمم حتى تدخلها الإسلام فتنجيها من عذاب الله يوم القيامة.
• قال الرازي: قال الزجاج: قوله (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) ظاهر الخطاب فيه مع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه عام في كل الأمة، ونظيره قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام) (كتب عَلَيْكُم القصاص) فإن كل ذلك خطاب مع الحاضرين بحسب اللفظ، ولكنه عام في حق الكل كذا ههنا.
• وفي الآية فضيلة ظاهره للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، لأن خيرية هذه الأمة منوطة بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وإيمانها
بالله، فإذا تخلت عن إيمانها بالله وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر سُلبتْ منها تلك الخيرية.
• الحكمة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال الشنقيطي: لأن استقراء القرآن دل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له ثلاث حكم، تضمنت هذه الآية من سورة الأعراف (قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) من تلك الحكم الثلاث اثنتين، فالحكم الثلاث:
الأولى: أن يقيم الإنسان عذره أمام ربه، ويخرج بذلك من عهدة التقصير في الأمر بالمعروف لئلا يدخل في قوله (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).