فقوله (وتنزع … ) كما ينزع الجلد من البهيمة، لأن بعض الناس إذا ملك شيئاً فإن ذهاب هذا الشيء منه عسير، يتشبث به تشبثاً عظيماً، ولذلك يقول القدماء من العرب (الملك عقيم) يمكن للملك الذي يملك وطناً، يمكن أن يضحي بأبيه وأن يضحي بابنه من أجل هذا الملك، ولذلك كان الأسلوب مناسبا (وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء).
• قال السعدي: وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سبباً لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع.
(وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ) أي: تجعله عزيزاً قوياً.
• أسباب العزة:
أولاً: الإيمان.
قال تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
• قال قتادة:(مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) أي: فلتعزز بطاعة الله عز وجل.
• وقال الزجاج معناه: من كان يريد بعبادة الله عز وجل العزة والعزة له سبحانه فان الله عز وجل يعزه في الآخرة والدنيا.
• وقال ابن القيم: من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله بالكلم الطيب والعمل الصالح، ولذا كان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك.