واختلف العلماء هل المراد بالإحصار فقط بالعدو أو هو عام بالعدو وغيره كمرض أو ضياع نفقة أو غير ذلك على قولين:
القول الأول: أن المراد به حصر العدو دون المرض ونحوه.
وهذا قول ابن عباس وابن عمر وأنس وابن الزبير، وهو قول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير.
وهو الرواية المشهورة الصحيحة عن أحمد بن حنبل، وهو مذهب مالك والشافعي.
وعلى هذا القول أن المراد بالإحصار ما كان من العدو خاصة، فمن أحصر بمرض ونحوه لا يجوز له التحلل حتى يبرأ من مرضه، ويطوف بالبيت ويسعى.
[وحجة هذا القول متركبة من أمرين]
الأمر الأول: أن الآية الكريمة التي هي (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) نزلت في صد المشركين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهم محرمون بعمرة عام الحديبية عام ست بإطباق العلماء، قاله الشنقيطي.
الأمر الثاني: ما ورد من الآثار من أن المحصر بمرض ونحوه لا يتحلل إلا بالطواف والسعي.
عن ابن عباس أنه قال (لا حصر إلا حصر العدو) رواه البيهقي.
قال النووي في شرح المهذب: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، وصححه أيضاً ابن حجر.
القول الثاني: أن الإحصار أنه يشمل ما كان من عدو ونحوه، وما كان من مرض ونحوه من جميع العوائق المانعة من الوصول إلى الحرم.